Sep 27, 2016

مازلت تحت تأثير الصدمة




كلنا نواجه العديد من الصدمات في حياته, فمنا من يواجه صدمة فقد شخص عزيز عليه, ومنا من يواجه صدمة طلاق, ومنا من يواجه صدمة التسريح من العمل, ومنا من يواجه صدمة تخلي أعز الناس على قلبه له في عز إحتياجه لهم, ومنا من يواجه صدمة في صديق عمره, والكثير الكثير من الصدمات التي لا تُعد ولا تُحصى.

كل منا له طريقته الخاصة في التعامل مع الصدمات الحياتية, وكل منا يُعرف مفهوم الصدمة بما يتناسب مع تفكيره هو وشخصيته, على سبيل المثال: من الممكن أن تكون خيانة صديقك ليست صدمة بالنسبة لك ولا تعتبرها صدمة إطلاقاً, وهناك شخص أخر يعتبر أن خيانة الصديق صدمة عظيمة كبرى, من الممكن أن تعتبر التسريح من العمل صدمة, ولكن هناك شخص أخر يعتبر التسريح من العمل بداية لإنطلاقة جديدة, ومن الممكن أن يعتبرها أيضاً فرصة لأنشاء مشروعه الخاص الذي طال يحلم به.


ولذلك فالصدمة كلمة تُعني, الحدث العظيم الغير متوقع في وقت غير مناسب بالمرة بالنسبة لك, فعند حدوثه تشعر وكأن العالم كله توقف عليك, حينها ستشعر بالضياع والغربة حتى إذا كنت في وسط أهلك ستشعر بالغربة.

الصدمة من الأشياء التي تأتي فجأة بلا أدنى مُقدمات, من الممكن أن يسبق حدوث الصدمة إحساس داخلي بأن هناك شيئاً ما سيحدث قريباً, ولكن في كثير من الأحيان الأخرى تأتي تلك الصدمة بلا مقدمات أو حتى تنبيهات.

إنعكاس ورد فعل الصدمة يختلف من شخص لأخر, ففي شخص يتلقى الصدمة بحزن شديد وبكاء هستيري, وهناك من يتلقى الصدمة بنوع من أنواع الضحك الهستيري, وهناك من يتلقى الصدمة بفقدان النطق, أيضاً هناك من يتلقى الصدمة بنوع من أنواع اللامبالاة وكأن شيئاً لم يكن, في الواقع تلك الحالات تختلف من شخص لأخر على حسب قدرات ذلك الشخص الإستيعابية وعلى حسب حالته النفسية, وعلى حسب قوة إيمان ذلك الشخص, وعلى حسب حجم وأثر الصدمة في نفس ذلك الشخص, وعلى حسب حجم تلك الصدمة ذات نفسها.

لا يوجد ما يسمى بالصواب والخطأ في ردة فعلك عندما تتلقى الصدمة, فلا يوجد الشخص الذي يستطيع أن يجزم كيف يمكنه أن يتصرف عند سماعه لخبر ما, نحن جميعنا نفاجأ بأنفسنا عندما نواجه الصدمة, نتفاجأ تماماً بشخصياتنا الغير عادية في تلقي الصدمات, سوف ترى شخصاً أخر غيرك لا تعلمه حينذاك, سوف تفاجئ تماماً بنفسك.

من الممكن أن تكون شخص يغلب على طبعه الجدية, ولكن عندما تواجه صدمة ما يكون رد فعلك هو الضحك الهستيري!
من الممكن أن تكون شخص يتمتع بخفة الظل, ولكن عندما تواجه الصدمة يكون رد فعلك هو البكاء الشديد الذي لا يتوقف!

إعلم أنك سوف ترى شخصاً أخر غيرك عزيزي القارئ.

فعندما علمت بخبر وفاة أبي رحمة الله عليه, وجدت نفسي أتصرف بشكل طبيعي جداً, وكأني لم أسمع شئ, لم أضحك ولم أبكِ أيضاً, فقط كنت أتصرف بشكل طبيعي جداً وكأن شيئاً لم يحدث.
حينها رأيت شخصاً لم أعرفه, رأيت ندا التي لم أعرفها من قبل, ندا التي أعرفها جيداً هي التي تبكي عندما تسمع مثل ذلك الخبر, ولكن ندا التي رأيتها كانت مازالت تحت تأثير الصدمة وغير مستوعبة ما حدث, غير مستوعبة ما الذي جرى, وجدت شخصية قوية ظاهرياً, غير مُدركة داخلياً.

ظللت تحت تأثير الصدمة طيلة ساعات من بعد معرفتي بذلك الخبر, إلى أن أدركته بعد ذلك وأنفجرت بالبكاء الذي استمر طيلة ساعات بلا توقف سوى لدقائق معدودة.

في حقيقة الأمر كنت أنوي في ذلك المقال أن أوضح ومن وجهة نظري كيفية التعامل مع الصدمة, ولكني وجدت بأن لا يوجد ما يسمى بالخطوات التي يجب علينا أن نفعلها عندما نواجه صدمة ما في حياتنا, حيث لا يمكنني أن أقول لك يجب عليك عندما تواجه صدمة في حياتك أن تبكي أو يجب عليك أن تقوي نفسك حتى تتخطى تلك الأزمة, لا يوجد كتالوج لكيفية تعاملنا مع الصدمة, فكل شخص منا لديه طريقته الخاصة التي يتصرف وفقاً لها مع صدمات حياته, التي من الممكن أن يعلمها جيداً أو لا يعلمها أصلاً إلا عندما يواجها, حينها سوف يعلمها جيداً.

ما أريد أن ألقي عليه الضوء حقاً هو تعامل الآخرين مع الشخص المصدوم, في الواقع لم أرى شخصاً يعلم جيداً كيفية التعامل مع الشخص المصدوم, فعندما توفى أبي وجدت من يبكي من صديقاتي بينما كنت أضحك, وكنت حينها غير مستوعبة لهم لماذا يبكون؟!

لماذا يبكون, وأنا نفسي لم أبك, ولذلك شعرت بأن هناك فجوة ساشعة ما بين الشخص المصدوم المتمثل في والشخص الأخر الذي يريد أن يقف بجانب ذلك الشخص المصدوم المتمثل في صديقاتي!

من وجهة نظري عندما تتعامل مع أي شخص مصدوم, يجب عليك أن تتصرف مثله تماماً وأن تجاريه فيما هو عليه, فإذا وجدته يضحك أضحك, وإذا وجدته يبكي واسيه سواء بحضنك أو حتى بالبكاء معه, من وجهة نظري يجب على الشخص المصدوم أن يشعر بأن هناك من هو يشعر به تماماً ويتصرف مثله كما يتصرف هو.

الصدمة من الأشياء المؤلمة حقاً في تلك الحياة, ولذلك يجب علينا جميعاً أن نلجأ إلى الله مهما كانت روعة أو حجم تلك الصدمة, فالله سبحانه وتعالى هو الوحيد القادر على إنتشالك من جميع أوجاعك وألامك, فقط قُل يا رب, وعند وقوع الصدمة ردد دائماً وابداً "الحمدلله".


No comments:

Post a Comment