Oct 10, 2016

أنا ما بين الألم والسعادة




يُقال أن السعادة شئ مُكتسب, غير مرتبط بأي شئ تحصل عليه في الحياة, مهما كان ذلك الشئ, ومهما كانت درجة استمتاعك به.

في العام الماضي كتبت منشور على الفيسبوك, وسألت ذلك السؤال:

 كيف لرجل فقير لا يستطيع أن يُعالج ابنته من مرض خطير أن يشعر بالسعادة الداخلية؟!

صديقة ردت على ذلك السؤال, فقالت لي أن السعادة غير مرتبطة بأي شئ مهما كان هذا الشئ, ومهما واجهنا من مصاعب وتحديات أيضاً سوف نشعر بالسعادة, فالسعادة هي إحساس بالرضا الداخلي على كل شئ يحدث في حياتنا.
السعادة هي الرضا بقضاء الله وقدره مهما كان درجة صعوبتة وشدته على أنفسنا.

في واقع الأمر لم أقتنع بكلام هذه الصديقة, فأنا وقتها كنت شديدة الإقتناع بأن من يشعرون بالسعادة هم إناس حصلوا على جميع الأشياء الممتعة من الحياة, وأن الفقراء لا يستطيعون أن يشعروا بالسعادة لقلة حيلتهم.

تمر الأيام والشهور وأقرأ بالصدفة مقال عن السعادة, ذكر الكاتب في ذلك المقال بأن السعادة شئ مكتسب, ينبع من قرارك الداخلي بأنك تريد أن تشعر بالسعادة والرضا والسلام الداخلي, فالسعادة تكمن في مرونتك في كيفية تعاملك مع الأحداث المختلفة التي تواجهك في الحياة.
وذكر الكاتب بعض المشاعر التي نشعر بها عندما تواجهنا أحداث مؤلمة, وكيفية التعامل مع تلك المشاعر, وهي على النحو التالي:


1-   كيفية تخطي الأزمات والتعافي منها بشكل أسرع, واستعادة نشاطنا وحيويتنا في فترة قصيرة من بعد الحادث المؤلم الذي تعرضنا له.
2-   رؤية الجانب المُشرق في ذلك الحدث, سواء كان الجانب هذا, أشخاص أو أحداث.
3-   إحساسك بأن الجميع يشعر بما تشعر به, بصرف النظر عن إختلاف الحدث المؤلم, ولكن كلنا نشعر بنفس الشئ.
4-   الوعي الذاتي بإحساسك إنه سوف يمر كأي شئ أخر مر عليك.
5-   العطاء..ثم العطاء..ثم العطاء, العطاء يعد من أكثر الأشياء التي تجلب إليك السعادة وراحة البال, لأنك عندما تُعطي فأنت بذلك تجلب إلى نفسك الكثير من الأشياء الحسنة, من نفس نوعية الأشياء التي أعطيتها للآخرين, وتذكر دائماً الأقربون أولى بالمعروف والعطاء.

في حقيقة الأمر أنني قرأت ذلك المقال بعد وفاة أبي رحمة الله عليه, ووجدتني أشعر بكل كلمة تكلم عنها الكاتب.
تذكرت من بعد الوفاة بأيام قليلة, أنني عُدت إلى حالتي الطبيعية إلى حد ما, فأنا شخصية تعشق السعادة والفرح كالكثيرين, صحيح لم أعد كما كنت ولكني تدريجياً أعود إلى حالتي الطبيعية كالسابق بإذن الله.

رأيت أيضاً الجانب المُشرق في حادثة الوفاة, فأبي توفى في حادث سيارة, وجدتني أحمدالله على وفاته, حتى لا يعيش وهو راقد طريح الفراش من أثر تلك الصدمة التي أوقعت به, فأبي بالتأكيد لا يستطيع أن يحيا حياته بهذا الشكل, بعدما كان يسير على قدميه في السابق.

في بادئ الأمر كنت أشارك الآخرين بشعوري بالحزن والضيق, ولكن بعد مرور فترة قصيرة على ذلك الحادث قررت أن أحتفظ بمشاعر الحزن لنفسي وأن أنشر السعادة والبهجة في نفوس الآخرين, وهذا ساعدني كثيراً في إني أتخطى  أزمتي بسهولة.

وجدت نفسي أذكرني دائماً بأن كل شئ سوف يمر كما مر غيره الكثير, فالحياة يجب أن تستمر مهما حدث, ونحن كأشخاص مؤمنين بقضاء الله وقدره يجب علينا أن نسلم أمرنا إلى الله, ونرضى بكل شئ قد قسمه لنا.

في الواقع وجدت نفسي تعلمت شيئاً في غاية الأهمية وهو:

أنه بالفعل الإحساس بالسعادة والسلام النفسي لهو أمر مُكتسب حقاً, وفي متناول يدنا جميعاً إذا رغبنا من أعماق قلوبنا في ذلك.

وجدت أن السعادة في راحة البال, السعادة ليست في كثرة المال أو كثرة الأشياء الإيجابية في حياتك, بل أنك تستطيع أن تشعر بالسعادة النابعة من إحساسك بالرضا وأنت في أحلك الظروف.

السعادة قرار عزيزي القارئ بيدك تستطيع أن تحيا بها مهما كان ما تمر به, تستطيع أن تحيا بالرضا والسعادة.
فقط كن مع الله تحيا حياة مليئة بالسعادة والراحة الداخلية التي لا تنتهي...

No comments:

Post a Comment