May 29, 2016

الشخص الذي أحبه



سؤال بيني وبينك: هل تستطيع أن تختار بكامل إرادتك أن تُحب شخص ما, دون الأخر ؟
منا من يُجيب بالإيجاب, ومنا من يُجيب بالسلب, ولكن أسمحوا لي أن أُجيب في هذا المقال نيابة عنكم.


في الواقع, لا أحد يستطيع أن يختار يُحب مَن دون الأخر, فالحب يأتي فجأة دون مُقدمات, تجد نفسك وقلبك ومشاعرك منساقة تجاه أحداً دون الأخر, تجد نفسك ترتاح لشخص ما, ولا تعلم لماذا, تجد نفسك تسعد لرؤية شخص ما معين, تجد نفسك تشرد بخيالك وتُفكر في هذا الشخص, بلا أدنى تحكم منك.

وأيضاً تجد نفسك تخطط وتحلم بأشياء تود تحقيقها مع هذا الشخص بالذات..

الحب من أقوى المشاعر في الكون, وكما قيل لنا سابقاً أن الحب يصنع المُعجزات, والمقصود بالحب يصنع المُعجزات, هو الحب المُطلق لشئ ما, كحبك لمهنة ما فتجد نفسك تُبدع فيها, وكحبك لبلد ما فتجد نفسك تدافع عن حبات رملها بدمك, وكحبك لشخص ما, فتجد فجأة تولدت لديك طاقة رهيبة لفعل المُستحيل, حتى تتزوج هذا الشخص, ويضمكما بيت واحد.

من وجهة نظري بالحب تحيا الأمم؛ لأنه أقوى وأطهر طاقة في الكون, وفي الديانة المسيحية يقولون: "الله محبة", فالله خلقك لأنه يُحبك..


نعود مرة أخرى للحب ما بين الرجل والمرأة..ونعود ثانية للسؤال هذا: هل تستطيع أن تختار الشخص الذي تُحبه ؟!

في فيلم النمر والأنثى لعادل إمام, وأثار الحكيم, كانت نعيمة "أثار الحكيم" تمتهن لمهنة مشبوهة للغاية, وبالطبع أخذت عقوبتها, الذي يستحقها كل من يمتهن تلك المهنة "دعارة", وعندما قابلها وحيد ضابط الشرطة "عادل إمام", بالطبع كانت تائبة, ولم تعد مُطلقاً لهذه المهنة, قرر وحيد أن يستخدمها للقبض على العصابة, فكانت بالنسبة له شخص سوف يساعده للإيقاع بالعصابة, ومن شدة تعاملهما المستمر معاً, أحب كل منها الأخر, ضابط شرطة يُحب امرأة كانت في يوم من الأيام تُشبه أي أحد يتعامل معها, وهي أيضاً أحبته حباً جماً..!!


في فيلم ويجا لهاني سلامة و دوللي شاهين, أحب هاني "هاني سلامة", سارة "دوللي شاهين" عندما تعامل معها, وكانت هي الأخرى تعمل في مجال غير مُشرف, وهو كان ممثل مشهور, ولم يكن فارقاً معه إطلاقاً ماضيها.


في فيلم "إنت عمري" أحب يوسف "هاني سلامة" شمس "نيللي كريم", في حين إنه متزوج أصلاً من امرأة يُحبها كثيراً, ولديه ولد منها..ولكن السهم الكيوبيدي أخترق قلبه, فأحب مرة أخرى.
الحب كالسهم الذي ينغرس في أعماق قلبك بدون إستئذان, لم تستطع أن تُحدد من مَن تُحب ومن مَن تكره!, فقلوبنا ليست بإيدينا إطلاقاً, تجد نفسك تُحب شخص ما بالرغم من معاملته السيئة لك, وأيضاً تجد نفسك تكره شخص ما, بالرغم من معاملته الحسنة لك.


السؤال الآن الذي يطرح نفسه هو:

إذا كنا لا نستطيع أن نختار نُحب من, فكيف لنا أن نرضى بالحياة مع شخص يعاملنا بمنتهى القسوة ؟
كيف لنا أن ننساق هكذا وراء عواطفنا بلا لجام ؟
كيف لنا أن ندع عواطفنا هي التي تتحكم بنا ؟


بالفعل أنت لا تستطيع أن تُحدد الشخص الذي تُحبه, ولكن تستطيع أن تتحكم في مشاعرك, هل تنجرف وراءها أم لا؟, تستطيع أن تشد لجام عواطفك وتجعلها هي التي تنساق وراءك, وليس أنت.
تستطيع أن تتحكم في مشاعرك, فالحب يأتي عن طريق كثرة التعامل مع شخص ما, ولكن إذا كنت قد قابلت شخص ما للمرة الأولى, وشعرت حينها إنه لفت إنتباهك أو جذبك بشكله أو شخصيته, تستطيع أن تمنع نفسك أن تفكر به, إذا كان شخص غير مناسب لك, وتستطيع أن تمنع نفسك من التعامل معه, حتى لا يكبر الحب بداخلك ويكون حب من طرف واحد.


من الصعب علينا أن نتحكم في قلوبنا, ولكن من السهل هو عدم الإنسياق وراء عواطفنا..
فليس بإيدينا الحب, ولكن بإيدينا أن نقرر نستمر في هذه العلاقة أم لا, قبل أن يتفاقم الحب بداخلنا, وحينها القدرة على التشافي منه ستكون مؤلمة للأسف..


وقبل كل شئ عندما تجد الشخص المناسب لك, حبه من كل قلبك, ولكن إياك أن تتعلق به..فالحب يقوي الشخصية, بينما التعلق يدمرها..

May 26, 2016

فُقدان النعم خير من إهمالها!


يرزقنا الله بالكثير من النعم التي لا تُعد ولا تُحصى, فمنا من يستغل تلك النعم على أكمل وجه, ويشكر الله عليها, ومنا من لم يستغلها مُطلقاً, أو يستغل فقط القليل منها..
منا من يعلم حقيقاً نعمه, ويستغلها في إنه يستخدمها في خدمة خلق الله, ومنا من لم يستغلها مُطلقاً سواء لنفسه أو لغيره.

منا من يأخذ جميع نعمه كشئ مُسلم به, يستحيل أن يفقدها, ومنا من يُقدر جميع النعم تلك, لأنه يعلم في قرارة نفسه, إنها غير مضمونة, بل ويعلم أن هناك الكثير من البشر, من يتمنوا نعمة واحدة فقط من نعمه تلك, لفقدانهم هذه النعم جميعاً أو واحدة منها.

نعم الله لا تُعد ولا تُحصى:

ذكر الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز, أن نعمه لا تُعد ولا تُحصى, ولكن إذا سألت شخصاً ما, وطلبت منه أن يشكر الله على عشرون نعمة فقط من نعمه, سوف تجده بعد العدد خمسة يتوقف, بل ويظل يتذكر ما هي تلك النعم, وأحياناً أيضاً تجده يفكر في النعم الأخرى المتوفرة لدى البعض, وليست لديه..
على سبيل المثال: فتجد شخصاً ليس لديه فيض من الأموال, ليصرف بها على أسرته وعلى نفسه, عندما تطلب منه أن يشكر الله على نعمه, تجده يقول لك: وأين هي تلك النعم ؟!, فأنا لدي الكثير من الديون, التي لا أدري كيف أن أسددها, وإذا طلبت منه أن يركز على النعم, ويترك جانباً الأشياء الغير متوفرة لديه الآن, يقول لك: وأين النعم هذه ؟! فتقول له: جسدك الخالي من الأمراض, أولادك المتفوقين دراسياً, مهنتك..........ألخ, فتجده ينظر إليك وكأنك قادم من كوكب أخر!!
عزيزي القارئ..أعلم أنك مُقن تماماً بأن الله رزقك بالكثير من النعم التي لا تُحصى, ولكن هل فكرت في تلك النعم, وحاولت أن تستغلها بالشكل الذي يرضي الله – عز وجل -- ؟!


بعض من نعم الله:

بداية دعونا نوضح ولو جزء بسيط من تلك النعم:
1-    عندما تكون ظمأن وفي أشد الحاجة لشربة ماء, وبالفعل عندما تشرب تجد نفسك أرتويت من الماء!, هل فكرت يوماً ما أن الله قادر على إنه يمنع عنك الإحساس بالإرتواء ؟!, ومهما شربت تجد نفسك في حاجة أيضاً للكثير من الماء؟!
2-    عند الشعور بالجوع بالتأكيد ستأكل, ولكن ماذا لو أكلت ولم تشبع ؟!
3-    ماذا لو تنفست ولم تجد هواء تستنشقه ؟!
4-    ماذا لو استيقظت ولم تستطع أن تحرك قدميك ؟!
5-    ماذا لو تعثرت لديك عملية الإخراج ؟
6-    ماذا لو لم تجد البصر والتي من خلاله تقرأ هذه الكلمات ؟!
7-    ماذا لو لم تستطع النهوض من الفراش ؟!
8-    ماذا وماذا وماذا.......ألخ.


الإستغلال الأمثل لنعم الله:

أعلم إنك تعلم, بأن نعم الله كثيرة ولا يمكن حصرها, ولكن تلك النقاط كانت لتذكرة نفسي بها قبلكم.
الله سبحانه وتعالى رزقك بهذه النعم لكي تستغلها, وتستمتع بها بالتأكيد, ولم يرزقك إياها لكي تهملها أو تتجاهلها..
فرزقك النظر, لكي يساعدك على التعلم وقراءة كتابه الكريم, والنظر إلى كل ما هو جميل في الحياة, ورزقك العقل لكي تستخدمه فيما يجلب إليك السعادة والإبداع إلى حياتك.
أيضاً رزق غيرك بابتكار الأشياء, لكي تستخدمها أنت في أفعال قيمة نافعة لك ولغيرك, كالأنترنت على سبيل المثال وليس الحصر.
ولكـــــــن, وللأسف الشديد!!


تجد الكثير منا من يستخدم جميع نعم الله تلك, فيما هو فاسد له ولغيره من البشرية, والأخطر تجد من يهمل جميع نعم الرزاق تلك, ولا يهتم بغذاءها, فلا يهتم بغذاء عقله, ولا يهتم بغذاء جسده, ولا يستخدم قدماه ويداه في أفعال الخير.....ألخ.
بل يهمل كل تلك الأشياء جميعاً, على اعتبار إنها شئ مضمون ومُسلم به.
لا يا عزيزي جميع النعم ليست شيئاً مضموناً, ففي لحظة من الممكن أن تزول تلك النعم ولا تجدها, ولهذا السبب قُم واستخدمها فيما ينفعك وينفع غيرك, وقبل كل هذا قُم وأفعل بها ما تجعل الله يرضى عنك, ويتباهى بك أمام ملائكته...


النعم وُجدت لكي تستخدمها...لا...لكي تهملها...

May 25, 2016

الاستعداد لرمضان




كل عام وجميع الأمة الإسلامية بألف خير وصحة وعافية, بإذن الله.

التقرب إلى الله:

نحن الآن على مشارف الأبواب لإستقبال الشهر المُعظم, دقت ساعات العمل, والجميع يتنافس لإستغلال نفحات هذا الشهر على أكمل وجه, الجميع يتسارع لعمل الخيرات ابتغاءاً لمرضاة الله – عز وجل --, كُلنا نعمل جاهداً حتى نفوز برضى الخالق, منا من يتقرب إلى الله بقراءة القرآن, ومنا من يتقرب إلى الله بالصدقات, ومنا من يتقرب بكثرة الصلاة على الحبيب – عليه أفضل الصلاة والسلام --, ومنا من يتقرب إلى العزيز بالتراويح.
الجميع يحاول التقرب إلى الله, بطريقته الخاصة ليفوز في ذلك الشهر بالمغفرة والرحمة والبركات, وآملاً في أن يكون ممن يُعتق رقابهم في هذا الشهر الكريم.
مُعظمنا في بداية شهر رمضان, يذهب إلى الجامع لأداء صلاة التراويح, يقرأ القرآن ليلاً ونهاراً, يختم القرآن الكريم في الشهر حوالي ثلاثون مرة.....ألخ, الجميع يعمل لينال رحمة الرحمن.


إرهاق العبادات:

ولكــــــن !!!
تلاحظ عزيزي القارئ, إنك في بداية ذلك الشهر, ترى في نفسك الإجهاد والتعب, في أول أيام الصيام, ترى في نفسك الإرهاق, مع رابع ركعة في صلاة التراويح, ترى في نفسك التكاسل عن قراءة ولو جزء من القرآن الكريم..
ولكن, لماذا هذا يحدث ؟
لماذا نشعر بالتعب والإرهاق في بداية ذلك الشهر, وفي أواخر الشهر وبعدما إعتادنا عليه, نجده للأسف قد رحل عنا الشهر الكريم, بسرعة البرق..
لماذا لم نستقبل رمضان بكامل إرادتنا القوية, وعزيمتنا المُشتعلة, وبعلو همتنا ؟
لماذا ؟
ببساطة لأننا لم نستعد لإستقبال الشهر الكريم, الاستعداد الأمثل الذي يليق به.
نعم, كيف ؟
رجاءاً لا تدافع عن نفسك وتقول لي, بلى, فأنا استعد بما أوتيت من قوة لهذا الشهر..
أعلم, إنك من الممكن أن تكون من هؤلاء الأفاضل الذين يستعدون لرمضان, ولكن ليس الجميع مثلك, فالكثير من الناس ينتظر حتى قدوم الشهر المُعظم, ويبدأ في الاستعداد.


الاستعداد لرمضان:

والسؤال الآن الذي يطرح نفسه هو:
كيف لي أن استعد لشهر رمضان ؟
1-    إذا كنت ممن يفطرون في الصباح الباكر, حاول بقدر الإمكان أن تؤخر موعد فطورك يومياً ولمدة ساعة بالتدريج, حتى يأتيك رمضان وأنت مستعد على الإفطار في وقت المغرب.
2-    إقرأ يومياً جزء من القرآن الكريم, ولا تنس أن شهر رمضان هو شهر القرآن, وعليه, فيجب أن تعود نفسك على قراءة القرآن يومياً, حتى تختم المصحف في رمضان, ولكن تختم المصحف وأنت واعي ومُدرك لآياته.
3-    صفي قلبك من جميع المُشاحنات, سواء العائلية أو الإجتماعية كالأصدقاء أو زملاء العمل, وأعفو إذا استطعت عن الجميع, لكي يعفو الله عنك ويغفر لك.
4-    عود نفسك على الصيام, على الأقل يومان في الأسبوع, وليكن أثنين وخميس.
5-    جدد النية, جدد نيتك وتُب إلى الله, جدد نيتك وأجعل حياتك من أجل رضى الله – عز وجل --.
6-    حاول أن تقم الليل, لتهيئة نفسك وجسدك على صلاة التهجد.
7-    أجعله شهر العبادات, وليس شهر المأكولات والمشروبات.


مقاصد العبادات:

جميع النقاط السابقة مُتعلقة بك وبعلاقتك مع الخالق, ولكن ماذا عن علاقتك بخلق الخالق ؟
طبق مقاصد العبادات, تكن بذلك رضيت الله, سواء بعلاقتك معه, وأيضاً بعلاقتك مع جميع خلقه.
على سبيل المثال وليس الحصر:
فالمقصد من الصلاة, هي أنها تنهي عن الفحشاء والمُنكر, أي لا تكن من المُصلين, وبعد الصلاة تتحرش بالنساء أو تقبل الرشاوي أو تتلفظ بألفاظ بذيئة...ألخ.
فالمقصد من قراءة القرآن هو تطبيق ما جاء فيه, وتهذيب لقلبك ولنفسك...ألخ.
ولهذا السبب رجاءاً, جدد النية وأستقبل رمضان, وأنوي أن تكون إنسان جديد, أنوي أن تكون فعلاً مُسلم وليس فقط مُسلم في البطاقة, ولكن الأفعال تدل على شخص...ليس مُدرك لمدى مسئوليته.
فكن مُسوق, لدينك الإسلام الحنيف.
وكل عام وأنتم بخير....



May 18, 2016

أنا السبب!



"يا واخد القرد على ماله..."
هذا أصدق مثل يُعبر عن حنان.
                                ***

كانت حنان في الصف الثالث الثانوي, عندما تقدم لخطبتها "جيمي", الذي كان يقطن في العقار المجاور لها.
ظل جيمي يُلاحق حنان طيلة أربع سنوات, قبل أن يتقدم لخطبتها.
كان جيمي يعمل في ملهى ليلي, وأحياناً كان يتاجر في المخدرات, فهو حاصل على بكالوريوس التجارة, وعندما انتظر لسنوات على أمل أن يعمل بشهادته, لم تأتي الفرصة له مُطلقاً, ولم يجد أمامه سوى ذلك العمل.


عندما ألتحق بتلك الوظيفة, بدأت سلوكياته تتغير شيئاً فشيئاً, فأصبحت حياته بأكملها عبارة عن عمله, وأيضاً نزواته المستمرة والمتكررة مع النساء والراقصات !!

حاول والداه أن يمنعاه عن السير في ذلك الطريق, ولكنه أبى أن ينصت لهما.

وبعدما أستقر في عمله, فكر أن يتزوج من الفتاة الذي ظل طفها يُراوده طيلة سنواته الجامعية, وبالفعل تقدم لخطبتها, فوافقت حنان, على الرغم من معرفتها بطبيعة عمله, وسط مُعارضة أخوانها, وموافقة والدتها وأخواتها, حيث كانت حنان الابنة الصغرى لتلك العائلة البسيطة, المنعدمة مادياً تقريباً, فجميع أخوانها وأخواتها تزوجوا, بل وأنجبوا ابناء في مثل عمرها, وكان الجميع يريد أن يفرح ويسعد بالبنت الصغرى "حنان".


لم تكن يوماً حنان تُحب جيمي, ولكنها قبلت طلبه هذا, طمعاً في ثروته, كانت تظن من قِبلها, إنها سوف تغير من طباعه هذه, وأن تحتويه حتى لا ينظر لامرأة غيرها.

تركت حنان دراستها, وتم الزفاف وسط فرحة الأهل, ولكن لم يحضر أحداً من إخوانها حفل الزفاف, لعدم رغبتهم في تلك الزيجة مُطلقاً, ولعدم ثقتهم في أخلاق جيمي.

كانت السنة الأولى للزواج بمثابة الجنة من وجهة نظرها, فكان جيمي يغدق عليها بحنانه, ويُعطيها من الأموال ما تريد, وبعد عامان من الزواج أنجبا طفلتهما الأولى, وبعد ذلك بخمسة أعوام أنجبا الطفلة الثانية, ولكن في تلك الفترة تغير جيمي, بل وصارت أخلاقه تنحدر إلى مستوى مُتدني أكثر فأكثر, ويتطاول على حنان بالضرب والألفاظ البذيئة التي لا يقدر عليها أحد.


حاولت حنان مراراً وتكراراً معه, حتى يُحسن من أخلاقه ولكن بلا جدوى, بل والأكثر من ذلك, صار يخونها على مستوى أوسع من ذي قبل.

فكان يستغل لحظات سفرها إلى أحد أخوانها, الذي كان يعيش في الإسكندرية, ويأتي بالنساء صديقاته إلى منزل الزوجية, حاول الجيران لفت إنتباه حنان لما يحدث بداخل شقتها في غيابها, ولكنها لم ترد تصديقهم, فليس لها مصدر دخل سوى جيمي, وعلى الرغم من إنها أكملت دراستها بعد الزواج وحصلت على بكالوريوس الخدمة الإجتماعية, إلا أنها لم تعمل بشهادتها.


وفي يوم سافرت إلى أخيها, فأتصلت بزوجها لتسأله على شيئاً ما, فأحست من نبرة صوته, إن هناك شيئاً ما يحدث بداخل شقتها, وعلى الفور أتصلت بوالدتها وطلبت منها التوجه إلى منزلها, حتى تخبرها بما يحدث.

وبالفعل توجهت الأم إلى شقة ابنتها, والتي صوعقت مما رأته أمام أعينها, فكان يخون ابنتها بالفعل, ولكن ياليته كان يخونها مع أي فتاة أخرى غير هذه الفتاة!!
فكان يخونها مع ابنة أختها!!!


نعم, كان يخونها مع المرأة التي كانت تعتبرها حنان صديقتها وليست ابنة أختها..

هرولت حنان مُسرعة إلى منزلها بعدما أخبرتها والدتها بما رأته, وواجهت زوجها الذي قال لها: أنا حُر أفعل ما أريد ولا أحد يستطيع منعي!

فذهبت مُنكسرة إلى أختها الكبرى لتشكو لها همها, والتي قابلتها بمنتهى الهدوء, وقالت لها ابنتي طُلقت من زوجها, بعدما وصل إليه خبر خيانتها له, وإنتِ تكرهين زوجك, فما الداعي لذُعرك هذا, وأنا أرى إن جيمي مناسب جداً لابنتي بعدما يُطلقك.

وقع على حنان الخبر كالصاعقة, لم تدري بنفسها إلا عندما عادت إلى منزل الزوجية, لكي تطلب الطلاق من الزوج الخائن.

 فقال لها: أنا يستحيل أطلقك, ولو ظللتي مُقيمة عند والدتك لم أدفع مصاريف مدارس ابنتاي الخاصة, وسوف أعتبركن أمواتاً.
فقالت له: أرجوك طلقني, أنا لا أريد شئ منك سوى ورقة طلاقي.
ولكنها ظلت تنبح صوتها بلا جدوى, بل وترك لها المنزل وذهب إلى عمله.


وما كان أمامها سوى رفع دعوى خُلع, وطُلقت من أول جلسة, بعدما صرحت للقاضي بهوية زوجها وطبيعة عمله..

May 3, 2016

روح مُتعَبة



عمري ما تخيلت أن يصل بي الحال إلى هذه الدرجة !!
هل يُعقل إنني أدخر الأموال, لكي أذهب بنفسي عند الكِبر إلى دار للمسنين حتى أقيم بها ؟!

نعم, فأنا متزوجة ولدي أطفال, ولكنني لا أثق فيهم مُطلقاً, ولا أثق بأنهم سيهتمون بي عند كِبري..ولهذا السبب فأنا أدخر المال حتى أذهب إلى دار مُسنين مرموقة يُقيم بها عالية القوم في المُجتمع.
                            ***


قصتي بدأت منذ إحدى وعشرون عاماً, عندما كنت أبلغ من العمر التاسعة عشر, وحينها ألتحقت بالجامعة الأمريكية, فأنا من عائلة ثرية للغاية, والدي رجل عصامي بنى نفسه بنفسه دون مساعدة من أحد, ووالدتي سيدة مُجتمع, تزوج أبي من أمي عن قصة حب عنيفة, تُوجت قصة حبهما هذه بالزواج, أنا لست وحيدة أبي وأمي, فلدي أخوين يكبراني..

كنت أعيش مع أسرتي أجمل سنوات عمري, كل شئ كنت أرغب فيه أجده بدون عناء, لدي سيارتي الخاصة, مجوهرات, عضوة في أغلى نادي بمصر, فليس لدي حلم مؤجل, فكل شئ أريده يأتيني في لمح البصر..

ولكن فجأة حدث ما كان غير متوقع بالمرة, ولا خطر على بال أحد منا, توفت أمي بعد تخرجي من الجامعة مباشرة, كانت صدمة حقيقية لي ولأخواني, بل والأكثر من ذلك كانت صدمة شديدة القسوة على والدي الذي كان يُحبها بجنون..

تغلبنا جميعنا على تلك الفاجعة, بصعوبة بالغة, ولكن الله كان دائماً يقف بجانبنا وساعدنا على تخطي هذه الأزمة.

تزوجت بعد وفاة أمي بسنة واحدة, بعدما ظللت أؤجل زواجي أكثر من مرة؛ بسبب تلك الظروف التي مررنا بها, وأنجبت ولداً وبنتاً في غاية الجمال, كانا قرة عيني أنا ووالدهما, الذي كان يُحبني حباً جماً..

وبعد مرور ثلاث سنوات على وفاة أمي, فاجئنا أبي بقراره للزواج مرة أخرى, بالتأكيد أعترضت وحاولت منعه في بادئ الأمر, ولكن سرعان مع أقنعاني أخواني بأن والدنا تقدم في العمر, ويحتاج إلى من يرعاه, فكل واحد منا له حياته وإهتماماته الشخصية الخاصة, فوافقنا جميعاً, وباركنا الزيجة, ولكن ما كان يحز في نفسي إن أبي تزوج من امرأة في مثل عمري بالضبط..


فكيف لمثل هذه المرأة أن تهتم برجل في مثل والدها, ولماذا لم تتزوج من شاب مثلها يحبها وتحبه ؟!

لماذا تُفكر امرأة في مثل عمرها وجمالها في رجل مثل أبي ؟

في بادئ الأمر, كانت جميع الإجابات تدلني وتوجهني على السبب الحقيقي وراء زواجها من أبي, وهذا السبب بالتأكيد, كان المال فهو له اليد العليا في قرارها هذا, فهي من أسرة فقيرة, بعد زواج أبي منها وعدها بإنه سيتكفل بجميع مصاريف أسرتها, وبالفعل أوفى أبي بوعده, فأسرتها أصبحت أسرة متوسطة من الناحية المادية, بل وفوق المتوسطة بعدما كانت فقيرة, وكل هذا بفضل أبي.


كثيراً من الشك كان ينتابني في هذه المرأة, فهي دائمة الطلبات من والدي, ولأن والدي يُحبه,ا فكان يُلبي جميع طلباتها بدون مناقشة.
بالإضافة إلى إنه أشترى لها شقة بأسمها في أرقى أحياء مصر, ووضع لها مبلغاً كبيراً من المال في البنك, ليؤمن لها حياتها وحياة ابنيهما.
تعرض أبي لأزمة مالية في عمله, أصفرت عن أزمة قلبية له, ولكن تماثل للشفاء بفضل الله, أقترحنا عليه أنا وأخواني الراحة التامة من عمله, حتى لا يتعرض لمثل تلك الأزمة مرة أخرى, ولكنه أبى وبشدة, فهو يعشق عمله أكثر من أي شئ أخر, فما كان أمامنا سوى الخضوع لرغبته..


ولكن للآسف تعرض بعد فترة قصيرة, لأزمة أخرى قلبية وديون بلغت حوالي المليون جنيه !!
طلبنا من زوجة أبي سداد الدين ولكنها أبت, فبعدما كانت السبب في إشهار إفلاس أبي من كثرة طلباتها, رفضت أن تسدد الدين, بل, وعلمنا فيما بعد, إنها كانت تبحث عن عريس ثري وهي مازالت في عصمة أبي, لتتزوجه ظناً منها إن أبي أنتهى وعلى حافة الموت !!


هذه المرة لم يتماثل أبي للشفاء, فكانت الأزمة شديدة عليه, بل وأصابه شلل تام في جميع أنحاء الجسد, بالتأكيد طلبت زوجة أبي الطلاق, فطلقها أبي, وأخذت ابنها – أخي الصغير – وتزوجت وسافرت به مع زوجها الجديد إلى الإمارات, ثم أنقطعت أخبارها تماماً, فلم أعد أعرف عنها أي شئ...

نحتنا أنا وأخواني في الصخر, حتى نسدد دين والدي, فلم يعد لدينا الكثير من الأموال مثلما كان في الماضي, وبالفعل سددنا الدين, ولم يتبقى على أبي أي ديون, ولكن لم يعد أبي مثلما كان..
فبعدما كان أبي أنيق يهتم بمظهره وملبسه وعطوره التي كان يقتنيها من الخارج..أصبح الآن....
أصبح...


أصبح يرتدي الحفاضات, لأنه ما عاد يستطيع الإعتماد على نفسه في دخول المرحاض, فالحركة بالنسبة له أصبحت مُستحيلة..
فلم يعد ثري كما كان, ولم يعد أنيق مثلما كان, وأنا من يتولى أمره من مصاريف وإهتمام  وكل شئ, فليس لدينا أموال في البنوك, ولا عقارات ولا أي شئ, فكل شئ تم بيعه وصرف أمواله على زوجته السابقة, ولم يعد لدينا أي شئ, سوى شقة صغيرة يسكن بها أبي..
بالتأكيد كان لزاماً علي أن أبحث عن عمل حتى أصرف على والدي, بعدما تخلى عنه جميع البشر.


ما يؤلمني حقاً الآن, هو إنني فعلياً أشعر بأنني أُنتهكت, فكرة إنني لو بموت يجب علي أن أذهب إلى العمل, ولا أخذ إجازة؛ بسبب مصاريف والدي التي لا تنتهي, ولم أعد أقدر عليها, بعدما تركني أخواني أواجه مرض أبي بمفردي!!

ولكن ما يؤلمني حقاً, ويأكل في روحي ونفسي, هو رؤيتي لوالدي بهذه الحالة, بعدما كان صحيح, يضحك ويلعب معنا, أصبح طريح الفراش, بل ويتبول في حفاضات, وأنا من يُغير له ويهتم بنظافته الجسدية..فعلياً أنا بموت يومياً عندما آراه بهذه الحالة, ولم أعد أتحمل مثلما كنت, لم أعد أطيق..

لم أجد من يهون علي, فالجميع غارق في مشاغله وحياته الشخصية الخاصة, ولم أخبر زوجي بحالة أبي المادية أو المعنوية, لم أقدر على طلب المساعدة منه, فهذا والدي أنا وليس هو, فلماذا يتحمل ضغط وطاقة فوق طاقته ؟!!

أنا حالياً أبلغ من العمر الأربعون عاماً, وأصبح لدي رهبة إلى حد الفاجعة من فكرة تقدم العمر, فأخشى يتقدم العمر بي ويصل بي الحال, كما وصل الحال بوالدي..


ماذا يفعلان أولادي بي في مثل ذلك العمر ؟!!
هل سأكون حمل ثقيل عليهما ؟
أم سيتحملاني في كِبري كما تحملت أنا والدي ؟!!
لا أعلم ولكنني ما أعلمه حقاً..بإنني أدخر الكثير من الأموال حتى أذهب بنفسي إلى دار للمسنين, ولا أنتظر مساعدة من أحد مهما كان.
ما أعلمه حقاً..بإنني أكره تقدم العمر.
أكره الضعف..
أكره المرض..
ما أعلمه حقاً...هو أنني أشتاق إلى والدي الحقيقي, وليس والدي الذي دمر نفسه بهذه الزيجة, التي كانت نتيجتها هو ضياع والدي وضياعي أنا معه..
                                  ***