منذ مدة زمنية ليست ببعيدة, كتب صديق على الفيسبوك سؤالاً وكان محتواه كالآتي:
لماذا يظل المسلمون يدعون في صلاتهم على الأعداء, ومازالوا هم – الأعداء --
يتمتعون في خيرات الدنيا, ولكننا نظل كمسلمون غارقين في الدمار والفساد والقتل؟!
فعلقت على ذلك السؤال, وقُلت له: لأننا كمسلمين ندعو فقط دون عمل, فالدعاء
إلى الله بلا عمل ليس له معنى بالتأكيد.
فوجدت شخصاً أخر لا أعرفه رد على تعليقي هذا وقال: ولكننا كمسلمين سوف ندخل
جنات الآخرة وليست الدنيا مهمة بالنسبة لنا.
فلم أرد عليه.
ثم استطرد وقال: بل وجميع هؤلاء الكفار سيدخلون النار قطعاً..
هنا رديت عليه وقُلت له: ومن نحن لكي نحكم على الآخرين, ونقول هذا سيدخل
الجنة وهذا سيدخل النار, هل نصبنا أنفسنا ألهة؟!
فقال لي: بل هذا كلام الله, وذكر لي بعضاً من الآيات القرآنية, والتي تؤكد
كلامه على حسب فهمه لتلك الآيات.
فقُلت له: الله هو الوحيد القادر أن يقول هذا في النار وهذا في الجنة, لأنه
هو الله سبحانه وتعالى, ولكن نحن كبشر عاديين, من الذي أعطى لنا الحق لنقول أن
الجميع بغير المسلمين كفار, وأن من يفعل ذلك سينال كذلك..ألخ.
بالتأكيد رد علي هذا الشخص المحترم, ولكني للأسف لا أتذكر رده الآن, ولكن
كان محتوى الرد, إنه مُصر على أن هؤلاء كفار ونحن كمسلمين لا نريد الدنيا, ولكننا
نريد الآخرة.
ولكن ماذا لو قُلت له: إنني أريد الدنيا لأن بها معاشي, وأيضاً أريد
الآخرة, ماذا لو قُلت له أنني أريد متاع الدنيا ومتاع الآخرة معاً؟!!
هل معنى ذلك أنني لست مسلمة؟!!
منذ الطفولة وأنا أذهب أصلي في الجامع مع والدي, وبالطبع كنت أصلي مع
الرجال لصغر سني, ولكن عندما بدأت أنمو ذهبت لمصلى السيدات, هناك كنت أرى الكثير
من المُنتقبات من ينظرون لي بنظرة دونية, لأنني غير مُحجبة وكنت فقط أرتدي الحجاب
وقت الصلاة فقط, وأخلعه عند الإنتهاء منها, فأجد المنتقبات يتعاملن معي وكأنني
وباء, وهذا هو سر عدم تقبلي للمنتقبات آنذاك, ولصغر سني كنت أعتقد أن جميع
المنتقبات قُساة القلب, ولا يطبقن الرحمة التي جاءت في الشريعة الإسلامية, ولكن
عندما ألتحقت بالثانوية العامة وتعرفت على مُحفظة قرآن اسمها – مودة – رحمها الله,
ووجدت بها الرحمة والأخلاق والإنسانية وحب الخير للغير, والنقاء والسلام الداخلي,
عشقت المُنتقبات بسببها, لدرجة -- وهذا شئ ليس يعلمه الكثيرين عني -- إنني فكرت أن
أتزوج من ابنها لشدة حبي لأمه, وبعد فترة الجامعة تعرفت أيضاً على منتقبة, وكانت
مدرسة لغة إنجليزية أيضاً في غاية الإحسان في عملها, ولذلك أحببت النقاب بسببها.
ولهذا فقد أوضحت هنا إنني وقعت في فخ الحكم على الآخرين من معاملة البعض
السيئة لي..فمن أعطى لي الحق آنذاك أن أحكم على غيري؟!!
بعتقد صغر سني وعدم إداركي وضآلة خبرتي المحدودة بالحياة, هي ما جعلت مني
حاكم!!
قرأت خبراً بالأمس, أن هناك جريمة قتل حدثت في ملهى ليلي للشواذ جنسياً
بأميركا, حيث نصب شخصاً عادي نفسه كإله, وقرر أن يحاكمهم وفقاً لمعتقداته الشخصية,
فقتلهم جميعاً!!
من أعطى الحق لهذا الشخص على فعلته هذه؟!
أيضاً داعش والجرائم التي يفعلونها على مستوى العالم, من أعطى لهم الحق في
هذا؟!
وإذا قرأنا في التاريخ نجد الكثير من الجرائم البشرية, والتي تمت لمجرد أن
شخص لا يوافق أو يؤيد فكر شخصاً أخر فقرر أن يقتله!
سؤالي الذي تكرر كثيراً: من أعطى لك الحق في القتل, في الحكم على الآخرين,
في النظرة الدونية للغير, في قهر الغير الغير متوافق مع رأيك وفكرك..ألخ, من أعطى
لك الحق في هذا كله؟!
كلنا يعلم, لو أراد الله أن يجعلنا أمة واحدة بلا أدنى إختلاف لفعل ذلك,
ولكن الله جعلنا أمم مختلفة لنتشارك ونتعارف ونتعاون على الإحسان والحب والسلام,
يا أخي أنت لو مسلم فحتماً تقول يومياً السلام عليكم ورحمة الله, فكيف لك أن تقول
السلام بلسانك ولا تنشره على الجميع, لماذا تقول السلام بلسانك وليس بقلبك.
هل معنى السلام أن تقتلني لأنني أختلف معك؟
هل معنى السلام أن تشرد أولادي لمجرد إنني أعتنق ديانة أخرى غير ديانتك؟
هل معنى السلام أن تُيتم الأطفال لأن أباهم ينتمي لمذهب غير مذهبك؟
هل معنى السلام أن تقهرني لمجرد إني امرأة ولست رجلاً مثلك؟
هل معنى السلام أن تكسر الضعيف لمجرد أنك الأقوى؟
هل معنى السلام أن تأكل حق غير حقك, لمجرد أنك تشغل منصب مرموق؟
هل معنى السلام أن تتحرش بالنساء في الطرقات, لأن ظروفك الإقتصادية غير
سامحة لك بالزواج, ولو أن حتى المتزوج يتحرش أيضاَ؟
يا أخي السلام هو الحب, هو الرحمة, هو التعاون, هو إحتواء إختلافاتنا, هو
البحث عن نقاط إتفاق بيننا مشتركة, هو إحترام الغير والسماح له بعرض أفكاره
ومبادئه بحرية تامة, هو نصرة المُستضعف, هو الرفق بالنساء والأطفال, يا أخي السلام
هو اسم الله الحسنى.
فكيف لك أنت يا عبد لا تنشره, وهو اسم ملك الكون؟!!
No comments:
Post a Comment