Jun 28, 2016

فرصة ثانية



نسمع الكثير والكثير من القصص الإنسانية, والمُتعلقة بفراق الأصدقاء والأحباب لنا, والمقصود بكلمة الفراق هنا هو الفراق الإرادي, الذي يعتمد على قرار إحدى الطرفين بالإنفصال, ومن ثم تنتهي العلاقة وبشكل نهائي.


أمثلة توضيحية:

تسمع أنه كان يوجد صديقتان مُحبتان لبعضهما البعض حباً جماً, ولكن بسبب عدة مشاكل بسيطة لا تُذكر, ولم تصرح كل منهما بما يضايقها ويسبب لها الألم النفسي من الأخرى, بل وفضلت إنها تتظاهر بالتسامح وكأن شيئاً لم يكن, أنتهت العلاقة للأبد, ولكنها أنتهت على سبب يستحيل إنه يكون هو السبب الحقيقي وراء ذلك الفراق, ولكن السبب الحقيقي هو التراكمات التي كتمتها كل منهما عن الأخرى بداخل أعماق قلبها.

ترى أن هناك زوج وزوجة في غاية السعادة, والتي تتمنى أنت نفسك أن تعيشها مع محبوبتك, ولكن بعد فترة قصيرة جداً, تُفاجئ بالطلاق الذي وقع كالصاعقة على مسمعك, وتضرب كفاً على كف من شدة إستغرابك وإستعجابك, وتجد الكثير من الأسئلة التي تثيرك, وللأسف ليس لها إجابات, فالإجابة لا يعرفها أحداً سواهما, وهي أن الزوج لم يعد لديه القدرة على الإحتمال من كثرة إهتمام زوجته بالأولاد, وتركه هو بلا رعاية, وأيضاً أصبحت الزوجة لا تعفو عدم إهتمام زوجها لها, وعدم تقديره لما توفره هي من راحة نفسية له ولأسرتهما.

حتى في العلاقات ذات الرباط الغليظ, كالعلاقة ما بين الأم وابنتها, أو الأب وابنه, أو الأخوين, أو الأختين, تظل الأم تسامح على أفعال ابنتها الهوجاء إلى أن تنفجر فجأة في وجهها على أبسط الأسباب, ومهما حاولت الابنة الإعتذار يكون قد فات المعاد, من الممكن بمرور الوقت تصفى النفوس, ولكن في الوقت الحالي, للأسف لا.

وغير ذلك الكثير والكثير من القصص الإجتماعية, التي لا تنتهي وتتميز بالمشاكل التي لا تستطيع فهمها, إلا إذا كنت طرفاً فيها.
ولكن....

سؤالي هو: لماذا لا يكون هناك فرصة أخرى لتغيير مسار العلاقة؟
هل يشترك الحب في جميع تلك العلاقات التي ذكرتها؟
نعم.
هل كانوا يتمتعون بالسعادة البالغة مع بعضهم البعض؟
نعم.
هل كل منهما كان يتمنى أن يمت في حضن الأخر من شدة حبه له؟
نعم.
إذن ماذا حدث؟!

إنها التراكمات سيدي الفاضل, التراكمات النفسية التي لا يستطيع أن يتجاهلها أحد إلا بمرور الوقت, ولكن حينها سيكون قد فات المعاد.


الصداقة:

دعنا نحلل الموقف سوياً.
وليكن على سبيل المثال نُلقي الضوء على مثال الصداقة:
تجد الصديقتان في غاية السعادة مع بعضهما البعض, لا يفترقان مُطلقاً, جميع أصدقائهما الآخرين يعلمون مدى علاقتهما ببعض, ومدى حبهما الشديد لبعض, ولكن عندما تصبح علاقة الصداقة كهذة أعلم جيداً إنها قد دخلت في حيز بداية النهاية!!

عندما تجد نفسك شديد التعلق بعلاقة ما, أعلم إنها أصبحت على المحك من الإنتهاء, لأنها عندئذ ستأخذ مسار غير مسارها الطبيعي, ستجد نفسك تُغار عليه من أي شخص, ستجد نفسك تريد هذا الشخص لك أنت وحدك, ستجد فجأة حب التملك قد سيطر عليك, وجل هذه المشاعر هي مشاعر ضارة بالعلاقة بل وتدمرها, لأن سينتج عنها مشاكل "تافهة", تعبر عن مدى سيطرتك على هذا الشخص, وقهرك له, من الممكن حينها إنك لا تعلم لماذا أنت تتصرف بمثل تلك التصرفات, ولكن ما تعلمه حقاً إنك تريد ذلك الشخص لك وحدك, وكأنه خُلق لك أنت وحدك, وليس لديه الحق في أن يعيش ويتفاعل مع الآخرين!!

وهنا تكمن المشكلة, لماذا؟

لأنك دائم الشكوى من الطرف الأخر, ودائم السيطرة عليه بسبب أو من غير سبب, ودائماً تفرض آرائك عليه, ودائماً تتحفظ على تصرفاته, ودائماً تعترض عند خروجه أو دخوله مع أحداً غيرك, ستجد إنك بشكل لا إرادي محوت شخصيته تماماً, وبالطبع لم يقبل الطرف الأخر هذا التعامل منك على المدى البعيد, حتى ولو كانت روحه فيك, ويحبك كثيراً, ولكنه يحب نفسه أكثر منك بالتأكيد.
وفجأة يقرر الطرف المُتضرر التخلي عن هذه العلاقة بأكملها, وسوف يداوي جراحه التي سببتها أنت له بنفسه, دون أدنى مساعدة منك.

ومهما حاولت الرجوع ستجد الرد المنطقي وهو "لا, مستحيل نرجع".


ممكن نرجع!:

حتى هذه اللحظة هذا الشئ الطبيعي الذي يحدث في مُعظم علاقاتنا الإجتماعية, ولكن سبب هذا المقال هو ذلك السؤال:

هل من الممكن بعد مرور سنوات على الفراق الرجوع مرة أخرى؟!!
في حقيقة الأمر لا أعلم, ولنفترض أن هناك شخص عاش حياته بعد الفراق, والشخص الأخر مازال يندم على ضياع حبيبه منه, بالتأكيد في مثل هذه الحالات فكرة الرجوع أصبحت شبه مُنعدمة.
ولكن في حالة أن الطرفان مازالا يُكنان لبعضهما البعض الكثير من المشاعر الطيبة,هل يمكن الرجوع؟

لا/نعم.

لا, لو مازال الشخص المُتضرر يحمل الكثير من الذكريات السلبية لعلاقتكما معاً, بالرغم من حبه لك.
نعم, لو الشخص المُتضرر قرر أن يُعطيك فرصة ثانية لأنه مازال يُحبك, ولكن أنت أيضاً تكون تعلمت من أخطائك الماضية معه, وشعرت بمدى حبك له, ومدى كآبة العيش بدونه, ولهذا فقررت أن تتغير في طريقة تعاملك معه, من أجل الإحتفاظ به.

ولكن ماذا لو تم الرجوع ووجدت أنك تغيرت معه وهو أيضاً تغير معك, لأن سنين الفراق سواء طالت أم قصرت, فبالتأكيد غيرت في النفوس شيئاً ما, ولكن تم الرجوع بناءاً على تخيلتكما القديمة للعلاقة السابقة ليس أكثر, وعند العودة مرة أخرى وجدت أنك غير مرتاح في هذه العلاقة, ومن ثم كان الحل الأمثل في مثل تلك الحالات الفراق مرة أخرى, ولكن هذه المرة سيحدث الفراق عن وعي أكثر وأشد عمقاً.

يا عزيزي السنين تغير النفوس بشكل لا تتخيله, ولهذا السبب لا تبكي على الأطلال وتنتظر رجوع الحبيب المُفارق لك, فأنت ترغب به الآن فقط, لأنه تركك وتخلى عنك, ولكن عند رجوعه لك ستجد قلبك لم يعد معه كما كان, وعليه, فقرر الآن أن تعيش بدونه بلا أدنى تفكير فيه, وأبحث عن الشخص الذي ترتاح معه ويرتاح معك إلى الأبد... فالذكرى حقاً رائعة لأنها مضت, ولكن إذا حاولنا بث فيها النبض من أول وجديد, ستكون حينها بلا طعم أو معنى.

Jun 27, 2016

هل أصبح الرجال عملة نادرة في الوقت الحالي؟


هل أصبح الرجال عملة نادرة في الوقت الحالي؟!

سؤال تسأله الكثير من النساء الآن, فمن وجهة نظرهن قل الرجال في المُجتمع المصري, فبعد ما كانوا يتميزون بالشهامة والنخوة, تلاشت تلك الصفات ولم تعد متواجدة في البعض منهم.

الآن تجد الكثير من الذكور, تشعر وكأنك في مُجتمع يتكون من نساء وذكور والرجال أصبحوا يتعدون على الأصابع, فمن الممكن تجد بالشارع أو حتى بالحي الواحد مائة ذكر ورجلان فقط!

ولكن مبدئياً دعونا نوضح من هو الرجل من وجهة نظري في نقاط بسيطة:

1-    الرجل هو الشخص الذي تشعر معه المرأة بالأمان.

2-    الرجل هو الشخص المسئول عن بيته وزوجته وأولاده مسئولية تامة كاملة.

3-    الرجل هو الشخص الطموح الذي يسعى دائماً لتحسين حياته إلى الأفضل.

4-    الرجل هو الشخص الذي لا يتدخل في الأموال المتعلقة بزوجته بالمرة.

5-    الرجل هو الشخص الذي يعرف متى يكون عطوف حنون مُحب, ومتى يكون حاسم وحازم.

6-    الرجل هو الشخص التي لا يتخلى عن مشاكل أولاده المختلفة ويتركها فقط على الزوجة.

7-    الرجل هو الشخص الذي يعرف كيف يفصل ما بين أدواره المختلفة كأب, زوج, ابن, صديق....ألخ, ويقوم بكافة أدواره على أكمل وجه.

8-    الرجل هو الشخص البار بأهله.

9-    الرجل هو الشخص الذي يعمل الكثير من أعمال الخير, لأنه كما يريد الدنيا, أيضاً يريد الأخرة.

10-                      الرجل هو الشخص الذي يحافظ على جميع صلاواته في مواعيدها.

11-                      الرجل هو الشخص الذي ينفق على أولاده وزوجته حتى لو كانت زوجته تعمل, ولا يتركها تنفق جنيهاً واحدة في منزلهما, فمرتبها لها وحدها, ولكن الرجل لزم عليه الإنفاق.

12-                      الرجل هو الشخص المحبوب ما بين جميع معارفه, من شدة أخلاقه الحسنة.

13-                      الرجل هو الذي يهتم بمظهره وجوهره.

14-                      الرجل هو الشخص الذي يأخذ بيد زوجته إلى الطاعة والإحسان.
15-                      الرجل هو الشخص الذي يفي بوعوده.
16-                      الرجل هو الشخص التي تكون كلمته بمثابة عقد موقع.
17-                      الرجل لا يتلفظ بألفاظ بذيئة مهما حدث.
18-                      الرجل لا يتعرض بالمضايقة لأي امرأة في الشارع.
19-                      الرجل يغض بصره.
20-                      الرجل لا يترك حقه بحجة التسامح.

الحقيقة تلك هي النقاط التي أتذكرها الآن والتي تصف الرجل من وجهة نظري, الذي يكاد يكون منعدم الآن من هو يتصف بتلك الصفات الرائعة.

ولكن...لماذا قل هذا النوع في مُجتمعنا المصري؟!

هل لأن الذكور انتشروا الأن بكثرة, فلم نعد نرى الرجال حقاً؟

هل لأن الرجل من شدة ضغوط الحياة عليه, تخلى عن رجولته وفضل أن يعيش مجرد ذكر؟

هل لأن المرأة الآن أصبح لها مكانة إجتماعية عالية, فغار منها الرجل ففضل أن يعيش ذكر وتنفق هي عليه؟


في الواقع لا أعلم ما هي بالضبط الأسباب التي جعلت الرجال يتخلوا عن أدوارهم هكذا, ويعيشوا نقمة على المجتمع بعدما أصبحوا ذكور, لا تفعل أي شئ سوى التحرش بالنساء, والعيش على نفقاتهن.
ولكن ما أود قوله حقاً لجميع الذكور....
أنتم أصبحتم عالة على المجتمع, أصبحتم نقمة على كل من يعرفكم, أصبحتم بلا أدنى لازمة في الحياة..


فعودوا رجالاً يرحمكم الله..

Jun 15, 2016

الحياة كالدراجة





من وجهة نظري أن الحياة كالدراجة بالضبط, فمثل ما تفعله حتى تقود الدراجة, أيضاً ستفعله لإدارة حياتك في جل جوانبها.

منذ الطفولة وأنا أعشق ركوب الدراجات, فهي من أكثر الأشياء التي أجد فيها مُتعتي الشخصية, في حقيقة الأمر عندما بدأت تعلم ركوب الدراجة واجهت الكثير والكثير جداً من الصعوبات والتحديات, فهي ليست بالسهولة التي كنت أتخيلها, وأيضاً ليست بالصعوبة التي ظننت أنها ستكون عليها.

بالتأكيد تعثرت كثيراً, ووقعت على وجهي مراراً, عندما حاولت أن أقودها وأوجهِا كيفما أشاء, فهى بالطبع مثل ما يعلم الكثيرين منكم عن ركوب الدراجة, لن تُلبي طلبي في قيادتها إلا عندما أتقن قوانينها, التي تفرضها هي على كل من يريد قيادتها.

ولذلك فقد خضعت لتلك القوانين, رغبة مني وإصراراً على معرفتها, ثم قيادتها بكل براعة.
قمت بشراء السندات, وهي تلك العجلات الصغيرة التي تقوم أنت بتوصيلها بعجلة الدراجة الخلفية من اليمين واليسار, حتى تقوم على حفظ توازنك, ومن ثم لا تقع.

وبعد فترة تعودت على تلك السندات, فتخليت عن واحدة وتركت الثانية, وبعد مرور فترة أخرى تخليت عن السندات بأكملها, وأردت أن أقود الدراجة بدون أدنى عوامل مساعدة, وبالفعل حاولت أن أوازن جسدي عليها, ولكن أحياناً كنت أصيب وأحياناً أخرى كثيرة كنت أخيب, فتعلم ركوب الدراجة تطلب مني التعثر الشديد حتى أتقنها وأتعلم كيفية قيادتها.

ومع الإصرار والمثابرة وتقبل عدم فهمي ووعي لقوانينها, ومع أيضاً إحترام معرفتي الضئيلة بقيادتها, في بادئ الأمر, أصبحت أخيراً بعد فترة ليست بقصيرة أقود الدراجة ببراعة فائقة.
من فترة ليست ببعيدة كنت أود تعلم مهارة ما ضرورية جداً بالنسبة لي, ولذلك فقمت بعمل البحث اللازم حتى أعلم كيفية تعلم مثل تلك المهارة, وبعد البحث, والبدء في التعلم, صرفت نظر عن تعلمها بعد عدة محاولات لا تُذكر, لأنني وجدتها في غاية الصعوبة, ولم أحترم إطلاقاً قلة خبرتي بها في بداية التعلم, لأن هذا هو الشئ الطبيعي, بل والمنطقي أيضاً, أن تكون معرفتك في غاية التواضع عندما تقوم بتعلم مهارة جديدة أي كان نوعها .


ومهارة بعد مهارة, وصعوبة بعد الأخرى, وجدت نفسي تخليت عن إعتقادي الذي نشأت وترعرت عليه منذ صغري, والذي تعلمته من خلال محاولاتي المُستميتة في تعلم ركوب الدراجة!!
وكان إعتقادي في ذلك الوقت هو التعلم وإتقان ما أتعلمه, مهما كان الوقت المُستغرق في عملية التعلم هذه.

ولهذا السبب وقفت مع نفسي وتساءلت ذلك السؤال:
ماذا حدث فكل شئ في الحياة وكل مهارة هي بمثابة ركوب دراجة, إذن لماذا لم أتخل عن إصراري في تعلم ركوب الدراجة, بينما أتخل بسهولة عن أي مهارة أخرى أريد تعلمها ؟!!
بعتقد أن السبب في ذلك يكمن في ثلاثة نقاط رئيسية:
1-    عدم الإصرار الكافي في تعلم تلك المهارة.
2-    عدم الثقة الكافية في نفسك, بأنك تستطيع تعلم أي شئ ترغب به.
3-    عدم تقبل التطور التدريجي في تعلم أي شئ تريده في الحياة.


فأي مهارة في الكون هي نفسها ركوب الدراجة, ولكن الفرق بينهما هو أنت, هل تريد التعلم حقاً أم لا؟!!

أيضاً تُعلمنا الدراجة درس هام جداً من الممكن أن يُفيدنا في الحياة ألا وهو:
"التوازن"
وكأن الدراجة تقول لك إذا لم تتوازن في حياتك, سوف تتعثر وتقع وتواجه العديد من الصعوبات في هذه الحياة, في الدراجة ليس أمامك أي خيار سوى التوازن, وإلا يستحيل أن تُكمل سيرك بالدراجة.
والتوازن في الحياة هنا المقصود به:
1-    التوازن المادي.
2-    التوازن الروحي.

التوازن المادي وهو النجاح في العمل, في العلاقات, في جني الأموال, في تربية الأولاد, في علاقتك بزوجتك.....ألخ, كل شئ يتعلق بالحياة من ماديات.

بينما التوازن الروحي وهو المقصود به علاقتك بالخالق, فأنت مهما كنت ستظل كائن ضعيف في حاجة إلى من هو أكبر منك ليوجهك في حياتك, ولكي توكل له الأمر كله, وبالتأكيد ليس أمامنا جميعاً سوى الله – عز وجل – حتى نتقرب إليه, ونطلب منه العون في كل شئ في حياتنا.
فالله هو القادر على أن يُنجينا من أي مشكلة, وأيضاً الله هو الوحيد القادر على أن يُعلمك أي مهارة تحتاج إليها, فقط أستعن بالله وتوكل عليه.


من الدروس الأخرى التي تعلمنا إياها الدراجة هي:
"التطور المستمر"

بينما تقود الدراجة تجد نفسك عالي الهمة وتضغط على البدال بكل ما أوتيت من قوة, لأنك لو بطأت سيرك سوف يُسابقك الجميع, وليس هذا كل شئ, بل من الممكن أن تجد من هو أكثر منك قوة يدهسك في الطريق, وهذا بالضبط كالحياة فإذا لم تنمو فسوف يأتي من هو أفضل منك, ومن ثم لم تجد لنفسك مكان في هذا الكوكب, فهذه الحياة وُجدت لمن هم يعملون ويتطورون بإستمرار, وليس للكسالى إطلاقاً مكان.


أيضاً السندات تُعلمنا أنك من الممكن أن تتلقى مساعدة خارجية من الآخرين, ولكن هذا لفترة قصيرة للغاية, لأنك بعد ذلك سوف تعتمد على نفسك أنت فقط.
تلك الدروس تعلمتها من الدراجة, وودت أن أشارككم إياها, لتعم الإستفادة على الجميع, كما أستفدت أنا أيضاً منها.

Jun 14, 2016

من أعطى لك هذا الحق؟!



منذ مدة زمنية ليست ببعيدة, كتب صديق على الفيسبوك سؤالاً وكان محتواه كالآتي: لماذا يظل المسلمون يدعون في صلاتهم على الأعداء, ومازالوا هم – الأعداء -- يتمتعون في خيرات الدنيا, ولكننا نظل كمسلمون غارقين في الدمار والفساد والقتل؟!

فعلقت على ذلك السؤال, وقُلت له: لأننا كمسلمين ندعو فقط دون عمل, فالدعاء إلى الله بلا عمل ليس له معنى بالتأكيد.
فوجدت شخصاً أخر لا أعرفه رد على تعليقي هذا وقال: ولكننا كمسلمين سوف ندخل جنات الآخرة وليست الدنيا مهمة بالنسبة لنا.
فلم أرد عليه.

ثم استطرد وقال: بل وجميع هؤلاء الكفار سيدخلون النار قطعاً..
هنا رديت عليه وقُلت له: ومن نحن لكي نحكم على الآخرين, ونقول هذا سيدخل الجنة وهذا سيدخل النار, هل نصبنا أنفسنا ألهة؟!
فقال لي: بل هذا كلام الله, وذكر لي بعضاً من الآيات القرآنية, والتي تؤكد كلامه على حسب فهمه لتلك الآيات.

فقُلت له: الله هو الوحيد القادر أن يقول هذا في النار وهذا في الجنة, لأنه هو الله سبحانه وتعالى, ولكن نحن كبشر عاديين, من الذي أعطى لنا الحق لنقول أن الجميع بغير المسلمين كفار, وأن من يفعل ذلك سينال كذلك..ألخ.

بالتأكيد رد علي هذا الشخص المحترم, ولكني للأسف لا أتذكر رده الآن, ولكن كان محتوى الرد, إنه مُصر على أن هؤلاء كفار ونحن كمسلمين لا نريد الدنيا, ولكننا نريد الآخرة.
ولكن ماذا لو قُلت له: إنني أريد الدنيا لأن بها معاشي, وأيضاً أريد الآخرة, ماذا لو قُلت له أنني أريد متاع الدنيا ومتاع الآخرة معاً؟!!
هل معنى ذلك أنني لست مسلمة؟!!


منذ الطفولة وأنا أذهب أصلي في الجامع مع والدي, وبالطبع كنت أصلي مع الرجال لصغر سني, ولكن عندما بدأت أنمو ذهبت لمصلى السيدات, هناك كنت أرى الكثير من المُنتقبات من ينظرون لي بنظرة دونية, لأنني غير مُحجبة وكنت فقط أرتدي الحجاب وقت الصلاة فقط, وأخلعه عند الإنتهاء منها, فأجد المنتقبات يتعاملن معي وكأنني وباء, وهذا هو سر عدم تقبلي للمنتقبات آنذاك, ولصغر سني كنت أعتقد أن جميع المنتقبات قُساة القلب, ولا يطبقن الرحمة التي جاءت في الشريعة الإسلامية, ولكن عندما ألتحقت بالثانوية العامة وتعرفت على مُحفظة قرآن اسمها – مودة – رحمها الله, ووجدت بها الرحمة والأخلاق والإنسانية وحب الخير للغير, والنقاء والسلام الداخلي, عشقت المُنتقبات بسببها, لدرجة -- وهذا شئ ليس يعلمه الكثيرين عني -- إنني فكرت أن أتزوج من ابنها لشدة حبي لأمه, وبعد فترة الجامعة تعرفت أيضاً على منتقبة, وكانت مدرسة لغة إنجليزية أيضاً في غاية الإحسان في عملها, ولذلك أحببت النقاب بسببها.


ولهذا فقد أوضحت هنا إنني وقعت في فخ الحكم على الآخرين من معاملة البعض السيئة لي..فمن أعطى لي الحق آنذاك أن أحكم على غيري؟!!
بعتقد صغر سني وعدم إداركي وضآلة خبرتي المحدودة بالحياة, هي ما جعلت مني حاكم!!


قرأت خبراً بالأمس, أن هناك جريمة قتل حدثت في ملهى ليلي للشواذ جنسياً بأميركا, حيث نصب شخصاً عادي نفسه كإله, وقرر أن يحاكمهم وفقاً لمعتقداته الشخصية, فقتلهم جميعاً!!
من أعطى الحق لهذا الشخص على فعلته هذه؟!

أيضاً داعش والجرائم التي يفعلونها على مستوى العالم, من أعطى لهم الحق في هذا؟!
وإذا قرأنا في التاريخ نجد الكثير من الجرائم البشرية, والتي تمت لمجرد أن شخص لا يوافق أو يؤيد فكر شخصاً أخر فقرر أن يقتله!

سؤالي الذي تكرر كثيراً: من أعطى لك الحق في القتل, في الحكم على الآخرين, في النظرة الدونية للغير, في قهر الغير الغير متوافق مع رأيك وفكرك..ألخ, من أعطى لك الحق في هذا كله؟!
كلنا يعلم, لو أراد الله أن يجعلنا أمة واحدة بلا أدنى إختلاف لفعل ذلك, ولكن الله جعلنا أمم مختلفة لنتشارك ونتعارف ونتعاون على الإحسان والحب والسلام, يا أخي أنت لو مسلم فحتماً تقول يومياً السلام عليكم ورحمة الله, فكيف لك أن تقول السلام بلسانك ولا تنشره على الجميع, لماذا تقول السلام بلسانك وليس بقلبك.


هل معنى السلام أن تقتلني لأنني أختلف معك؟
هل معنى السلام أن تشرد أولادي لمجرد إنني أعتنق ديانة أخرى غير ديانتك؟
هل معنى السلام أن تُيتم الأطفال لأن أباهم ينتمي لمذهب غير مذهبك؟
هل معنى السلام أن تقهرني لمجرد إني امرأة ولست رجلاً مثلك؟
هل معنى السلام أن تكسر الضعيف لمجرد أنك الأقوى؟
هل معنى السلام أن تأكل حق غير حقك, لمجرد أنك تشغل منصب مرموق؟
هل معنى السلام أن تتحرش بالنساء في الطرقات, لأن ظروفك الإقتصادية غير سامحة لك بالزواج, ولو أن حتى المتزوج يتحرش أيضاَ؟


يا أخي السلام هو الحب, هو الرحمة, هو التعاون, هو إحتواء إختلافاتنا, هو البحث عن نقاط إتفاق بيننا مشتركة, هو إحترام الغير والسماح له بعرض أفكاره ومبادئه بحرية تامة, هو نصرة المُستضعف, هو الرفق بالنساء والأطفال, يا أخي السلام هو اسم الله الحسنى.


فكيف لك أنت يا عبد لا تنشره, وهو اسم ملك الكون؟!!