من فترة بدأنا نتكلم عن القلق الإجتماعي, ولكن بشكل سريع في حدود سطر أو
سطرين بالكتير, ونظراً لأهمية الموضوع دا وخطورته, فأنا هتكلم عنه بشكل أكثر عمقاً
بإذن الله..
في البداية أنا عايزة أوضح أني أنا شخصياً كنت بعاني من "القلق الإجتماعي"
لفترة طويلة جداً من حياتي, وتحديداً فترة طفولتي ومراهقتي, وكمان فضل معايا لحد
ما أتخرجت من الجامعة..
وللأسف مكونتش عارفة أني بعاني منه
غير لما بدأت أقرأ وأبحث عن سبب شعوري وإحساسي بالخوف من الناس, ومن حكمهم عليا
وعلى تصرفاتي, وخايفة دايماً أغلط عشان محدش يتريق عليا, وخايفة أعمل أي حاجة عشان
محدش ينتقدني..
في الواقع أنا مكونتش عارفة أن فيه حاجة أسمها قلق إجتماعي أصلاً, ولما
عرفت بوجوده قررت أتغلب عليه بطرق كتيرة جداً, فيه طرق فشلت فيها تماماً وفيه طرق
نجحت معايا جداً وبشكل سحري, ولكن الموضوع دا عشان تتغلب عليه فهو بياخد وقت,
وعشان كدة لازم تصبر على نفسك ومتستعجلهاش نهائي..
أنا ليه أصلاً جالي قلق إجتماعي؟!
أنا كنت طفلة عادية جداً بتلعب وبتهزر وتغني وترقص وترغي وتحكي قصص من
خيالها ونشيطة ومنطلقة.
كنت طفلة شقية, كلها طاقة وحيوية, ولكن كل دا كان بس بيظهر في البيت وأول
ما أروح المدرسة كان كل دا بيتلاشى, وبيتحول لطفلة ثقيلة, سخيفة, على ملامحها
الحزن دايماً, كان لازم يومياً أعيط قبل ما أروح المدرسة, كنت بكرها جداً, في
البداية مكونتش عارفة أنا ليه بكرها كدة, ولكن مع الوقت عرفت..
عرفت أن كرهي ليها كان بسبب "التنمر المدرسي" اللي كنت بتعرض له
من بعض الزملاء, ومش بس الزملاء دا كمان بعض المدرسين – ولا أخفي عليكم سراً في
مدرسين قدرت أسامحهم وفيه مدرسين مقدرتش أسامحهم نهائي وهما دلوقتي بين أيادي
الله, ربنا يرحمهم ويغفر لهم—ممارسة التنمر عليا خلاني أفقد الثقة بنفسي تماماً,
وخلاني أشوف نفسي صغيرة جداً في وسطيهم, ومع الوقت خلاني أتجنب أي تجمعات, وخلاني
أخاف من الناس في المطلق..
بالصدفة من حوالي سنتين قررت أواجه مخاوفي, وأقول لنفسي إني أصلاً أنا بحب
الناس, فليه أخاف منهم؟!
ومن هنا كانت أول طريقة مارستها للتغلب على مخاوفي, وهي طريقة الكتابة عن
ما بداخلي من غضب بسبب اللي أتعرضت له, بل وكلمت زمايلي اللي كانوا بيمارسوا عليا
التنمر وقولتلهم أنتوا أذتوني بجد.
الحقيقة أن الطريقة دي جابت معايا نتيجة إلى حد ما, بس مكنتش سبب في أنها
تخليني أتغلب وبشكل كامل ونهائي على القلق الإجتماعي, وعشان كدة جربت كل الطرق
المتعلقة بالتخلص من النوع دا من القلق, لحد مأنا عملت طريقتي الخاصة واللي أكيد
هكتب عنها بشكل منفصل.
وبعد الرغي الكتير دا, أنا عايزة أوضح وبشكل أعمق معنى القلق الإجتماعي؟
هو ببساطة إحساسك بأنك خايف من حكم الناس عليك, أو خايف تعمل حاجة
فينتقدوك, أو تغلط فيتريقوا عليك, وعشان كدة بتختار أنك تكون لوحدك, وتبعد أميال
عن أي حاجة تخليك محاط بالناس..
فكرة الحفلات والتجمعات غير مرحب بيها بالمرة..
فكرة أنك تكون صداقات مش مطروحة, صحيح ممكن يكون لك صديق أو أتنين, ولكن مش
عارف تعمل معاهم علاقة إيجابية بسبب خوفك من أنك تكلمهم في التليفون أو حتى تنزل
وتخرج معاهم أو تكون جنبهم وقت إحتياجهم لك..
ممكن كمان خوفك من الناس يخليك تقرر عدم الإرتباط..
ممكن كمان تقرر أنك مش هتشتغل عشان متتعاملش مع حد..
والحقيقة أن القرارات دي مش أنت اللي واخدها بمزاجك, ولكنك واخدها تحت ضغط
بسبب خوفك من الناس, والنتيجة أنك فعلاً بتكون وحيد, لا عندك أصدقاء, ولا حياة
إجتماعية, ولا عملية, ولا زواج ولا أي حاجة خالص, وعشان كدة ناس كتير بتكتئب, وممكن
كمان توصل للإنتحار للأسف, بسبب القلق الإجتماعي..
أختم كلامي بالمقال دا وأقول أن فيه ناس بيكون عندها قلق إجتماعي وهي مش
عارفة, وممكن تعيش وهي فاكرة نفسها طبيعية, وبتقنع نفسها بمبررات منطقية من وجهة
نظرها عن أسباب عدم عملها أو عدم إرتباطها, ولكن في الحقيقة هي "خايفة"
ومتعرفش أنها خايفة وبتعاني من القلق الإجتماعي..
بإذن الله المرة اللي جاية هنتكلم عن الأعراض النفسية والإجتماعية
والعضوية, اللي بتحس بيها, لو تم إجبارك وأضطريت تقابل ناس معينة..
J
No comments:
Post a Comment