Apr 24, 2018

وصية الغدر





أعتادت هبة في كل مرة تقابل فيها وفاء صديقة طفولتها, أنها تديلها جواب مكتوب بخط إيديها.
طريقة قديمة تم أستحدثها الآن بالماسنجر والواتس أب, ولكن هبة من شدة محبتها لوفاء كانت بتحب تكتبلها بخط إيديها, كنوع من التذكار ما بينهم..

الجوابات كانت عبارة عن مواقف وذكريات ليهم سوا, يعني في مرة مثلاً تفكرها بأول لقاء ما بينهم, ومرة تفكرها بذكريات خطوبة كل واحدة فيهم, ومرة تكتب لها عن إمتنانها لوجودها في حياتها..ألخ.

وفاء كانت أقرب صديقة لهبة, لدرجة أن هبة  كانت بتعتبرها روحها فعلاً من شدة تعلقها بيها, كانوا يومياً يتواصلوا سوا, ويومياً لازم يتقابلوا.
هما الأتنين عاشوا تفاصيل حياة بعض من حزن وفرح, من نجاح وفشل, من إحباط وإنجاز, كل تفاصيلهم كانت مع بعض, محدش في الدنيا يعرفهم أكتر من معرفتهم هما ببعض, كانوا بمثابة روح واحدة في جسدين..

في مرة وفاء سمعت شيخ بيتكلم عن أهمية كتابة الوصية بتاعتك قبل ما تموت, وفعلاً وفاء بدأت تكتب كل حاجة عايزة أهلها ومعارفها يعملوها لها بعد وفاتها, وبعد ما خلصت كتابة الوصية, معرفتش تديها لمين!
فكرت تديها لوالدتها أو والدها بس حست أنهم ممكن يقلقوا عليها أو يقطعوها ويقولوا لها "بعد الشر متقوليش كدة ربنا يجعل يومنا قبل يومك" والكلام المعتاد دا اللي بيقولوه الأهل من خوفهم على ولادهم..

فكرت تدي الوصية لأختها الكبيرة ولكن علاقتها بيها مكنتش جيدة عشان تستأمنها على حاجة زي كدة, ووارد جداً أنها تستهتر بمشاعرها, وتقولها إيه الهبل دا وتكسر بخاطرها.
فكرت تديها لزوجها بس مؤخراً علاقتهم ببعض مكنتش جيدة عشان تديله حاجة زي كدة.
فكرت كتير تديها لمين لحد ما قررت تدي "الوصية" لهبة صديقتها وحبيبتها, واللي مهما دورت مش هتلاقي حد أنسب منها.

وتاني يوم قابلت وفاء هبة في المكان بتاعهم المعتاد, وقبل ما هبة تدي لوفاء الجواب بتاعها المًعتاد واللي سموه "جواب اللقاء", مدت وفاء إيديها في شنطتها ومسكت الظرف وأديته لهبة, وقالتلها خليني أنا المرة دي اللي أكتب لك, ولسة هبة جاية تفتحه لاقت مكتوب عليه  "رجاءً لا تفتحي ذلك الظرف إلا بعد وفاتي".
أستغربت جداً هبة من الجملة دي, وبصت لوفاء وعيونها كلها دموع, لأن قلبها أتقبض على صاحبتها, فقالتلها: إيه دا يا وفاء؟!
ردت عليها وفاء وقالتلها: وصيتي يا هبة.
هبة بإستغراب شديد: وصيتك؟!

وفاء: أيوة, خليها معاكي ومن فضلك بلاش تفتحي الظرف إلا بعد وفاتي, ويا ستي متقلقيش كدة, أنا لسة قعدة شوية في الدنيا عشان أقرفك.
نطت هبة من مكانها وقامت حضنت وفاء بعمق, لأنها ولأول مرة تحس أن صديقتها مش هتكمل معاها لفترة طويلة للأسف.
وفعلاً ما فاتش كتير على الواقعة دي, ووفاء ماتت فعلاً بحادثة عربية.
ووسط كل دموع الأهل والأقارب, ووسط إنهيار ودموع هبة عليها ودعوا كلهم وفاء وإلى الأبد, ولكن قبل الدفن أفتكرت هبة الظرف, وقررت أنها تفتحه بسرعة وتقرأ اللي فيه, يمكن يكون عليها ديون تسددها لصديقة عمرها, عشان تكون مطمنة في تربتها.
ركبت هبة عربيتها وراحت جري على بيتها, وفتحت دولابها واللي كانت شايلة فيه وصية وفاء, لاقت الظرف فتحته ولاقت فيه الكلام التالي:

حبيبتي هبة..

ترددت كثيراً قبل أن أقرر وأعترف لك بالحقيقة, كوني متأكدة أني صدقاً تغيرت للأفضل على يديكِ يا حبيبتي, ولكن حتى أشعر براحة الضمير فلابد أن أعترف لك بما ينغص عليا حياتي..
هبة, جُل المتاعب والمشاكل التي كنتِ تتأزمين بسببها, كانت بفعلي أنا, كنت أطعنك بالخنجر في ظهرك وأمامك أظهر لك حبي ومودتي.
تتذكرين عندما مرض أبنك وكنتِ تبحثين له عن دواء نادر وجوده بمصر, كنت أبحث معكِ في كل الصيدليات, ولكنني كنت أعلم أننا لم نجده سوى بالخارج, وكنت أعرف صديق لي من الممكن أن يأتي إليه بسهولة لنا, ولكني رفضت أن أتصل به حتى أراكي تتألمين, فلماذا تكوني أماً وأنا لا؟!
ولهذا السبب كنت بتمنى من كل قلبي أن يموت أبنك.
تتذكرين خناقاتك المستمرة مع زوجك؟!
فكنت أفرح كثيراً بشجاركما هذا وكنت دائماً أنصحك بنصائح تخرب بيتك أكثر فأكثر في صورة إخلاص ومحبة, وأنتِ من شدة نقائك كنتِ تثقين بي.
تتذكرين حلمك الذي كنتِ ترجو تحقيقه وتسعين وراءه  بكل إصرار؟
فأنا التي كنت دوماً أنصحك بأن ذلك الحلم مُرهق للغاية ولا يأتي إليك إلا بالتعب والضيق, وأنا التي شجعتك على التخلي عنه..

كنت صديقتك التي تُحبك ظاهرياً, ولكن في حقيقة الأمر فكنت أكن لكِ كل الكره والحقد, وكنت أستغلك كثيراً لصالحي أنا.
هبة, لم أفيق من حقدي وكرهي هذا تجاهك, إلا بعدما مرضت بمرض شديد, ووجدتك أنتِ وأنتِ فقط  من بجانبي, وتركتي كل شئ من أجلي, وكنتِ على إستعداد أن تتبرعي لي ولو بجزء من جسدك لكي أشفى أنا, وفي تلك اللحظة فقط, شعرت أنني أمتلك أجمل قلب في الدنيا.
وفي تلك اللحظة فقط شعرت أنني أحبك بكل كياني, وودت لو يرجع بي الزمن لكي أعوضك عن ما خسرتيه بسببي.
ولكن كيف لي أن أعيد إليكِ أبنك بعدما توفاه الله؟!
وكيف لي أن أعيد لكِ زوجك المخلص المُحب لكِ بعدما ترك البلد وهاجر؟!
كيف لي أن أعيد لكِ منصبك اللامع في الوظيفة التي كنتِ تُحبينها بعدما شجعتك على الأستقالة؟!
كيف لي أن أعيد لكِ ترتيب حياتك من جديد, بعدما دمرتها لكِ بكل ما أوتيت من قوة, كيف؟!
أعلم أنكِ مصدومة في كثيراً, أعلم أنكِ تكرهيني الآن, أعلم أنكِ تريدين فتح قبري لكي تنهشي لحمي قبل أن يتحلل, أعلم ذلك.
ولكن ثقي بي هذه المرة, فأنا حقيقاً أحببتك بالنهاية, ولم أستطع النوم ولا الراحة لما فعلته بك, فكنت أتعذب من أجلك, ولهذا السبب قررت أن أكتب إليكِ تلك الرسالة عسى أن تغفري لي...

الوداع يا صديقة العمر/
وفاء


خلصت هبة قراءة الوصية, وبعد صمت طويل, فجأة جتلها كريزة ضحك متواصلة!
ومسكت الجواب واللي كان لازال في إيديها وقطعته ورميته وبقت تضحك أكتر لما الورق يطير قدامها, ويجي على وشها.

فضلت تضحك تضحك تضحك تضحك بدون توقف, ولو كان حد شاف ضحكها كان هيشك أنها أتجننت بموت صاحبتها ومن صدمتها فيها.

وبعد ساعات متواصلة من الضحك, سكتت للحظات وقالت والدموع مالية كل عينيها:
بل سامحيني أنتِ يا صديقتي الوحيدة, فكنت أعلم جيداً ما تحملين بداخلك من حقد وكره تجاهي, فحادث موتك كان مُدبر.

Apr 22, 2018

يعني إيه قلق إجتماعي؟




من فترة بدأنا نتكلم عن القلق الإجتماعي, ولكن بشكل سريع في حدود سطر أو سطرين بالكتير, ونظراً لأهمية الموضوع دا وخطورته, فأنا هتكلم عنه بشكل أكثر عمقاً بإذن الله..

في البداية أنا عايزة أوضح أني أنا شخصياً كنت بعاني من "القلق الإجتماعي" لفترة طويلة جداً من حياتي, وتحديداً فترة طفولتي ومراهقتي, وكمان فضل معايا لحد ما أتخرجت من الجامعة..
 وللأسف مكونتش عارفة أني بعاني منه غير لما بدأت أقرأ وأبحث عن سبب شعوري وإحساسي بالخوف من الناس, ومن حكمهم عليا وعلى تصرفاتي, وخايفة دايماً أغلط عشان محدش يتريق عليا, وخايفة أعمل أي حاجة عشان محدش ينتقدني..

في الواقع أنا مكونتش عارفة أن فيه حاجة أسمها قلق إجتماعي أصلاً, ولما عرفت بوجوده قررت أتغلب عليه بطرق كتيرة جداً, فيه طرق فشلت فيها تماماً وفيه طرق نجحت معايا جداً وبشكل سحري, ولكن الموضوع دا عشان تتغلب عليه فهو بياخد وقت, وعشان كدة لازم تصبر على نفسك ومتستعجلهاش نهائي..

أنا ليه أصلاً جالي قلق إجتماعي؟!

أنا كنت طفلة عادية جداً بتلعب وبتهزر وتغني وترقص وترغي وتحكي قصص من خيالها ونشيطة ومنطلقة.
كنت طفلة شقية, كلها طاقة وحيوية, ولكن كل دا كان بس بيظهر في البيت وأول ما أروح المدرسة كان كل دا بيتلاشى, وبيتحول لطفلة ثقيلة, سخيفة, على ملامحها الحزن دايماً, كان لازم يومياً أعيط قبل ما أروح المدرسة, كنت بكرها جداً, في البداية مكونتش عارفة أنا ليه بكرها كدة, ولكن مع الوقت عرفت..

عرفت أن كرهي ليها كان بسبب "التنمر المدرسي" اللي كنت بتعرض له من بعض الزملاء, ومش بس الزملاء دا كمان بعض المدرسين – ولا أخفي عليكم سراً في مدرسين قدرت أسامحهم وفيه مدرسين مقدرتش أسامحهم نهائي وهما دلوقتي بين أيادي الله, ربنا يرحمهم ويغفر لهم—ممارسة التنمر عليا خلاني أفقد الثقة بنفسي تماماً, وخلاني أشوف نفسي صغيرة جداً في وسطيهم, ومع الوقت خلاني أتجنب أي تجمعات, وخلاني أخاف من الناس في المطلق..

بالصدفة من حوالي سنتين قررت أواجه مخاوفي, وأقول لنفسي إني أصلاً أنا بحب الناس, فليه أخاف منهم؟!
ومن هنا كانت أول طريقة مارستها للتغلب على مخاوفي, وهي طريقة الكتابة عن ما بداخلي من غضب بسبب اللي أتعرضت له, بل وكلمت زمايلي اللي كانوا بيمارسوا عليا التنمر وقولتلهم أنتوا أذتوني بجد.
الحقيقة أن الطريقة دي جابت معايا نتيجة إلى حد ما, بس مكنتش سبب في أنها تخليني أتغلب وبشكل كامل ونهائي على القلق الإجتماعي, وعشان كدة جربت كل الطرق المتعلقة بالتخلص من النوع دا من القلق, لحد مأنا عملت طريقتي الخاصة واللي أكيد هكتب عنها بشكل منفصل.

وبعد الرغي الكتير دا, أنا عايزة أوضح وبشكل أعمق معنى القلق الإجتماعي؟

هو ببساطة إحساسك بأنك خايف من حكم الناس عليك, أو خايف تعمل حاجة فينتقدوك, أو تغلط فيتريقوا عليك, وعشان كدة بتختار أنك تكون لوحدك, وتبعد أميال عن أي حاجة تخليك محاط بالناس..
فكرة الحفلات والتجمعات غير مرحب بيها بالمرة..
فكرة أنك تكون صداقات مش مطروحة, صحيح ممكن يكون لك صديق أو أتنين, ولكن مش عارف تعمل معاهم علاقة إيجابية بسبب خوفك من أنك تكلمهم في التليفون أو حتى تنزل وتخرج معاهم أو تكون جنبهم وقت إحتياجهم لك..

ممكن كمان خوفك من الناس يخليك تقرر عدم الإرتباط..
ممكن كمان تقرر أنك مش هتشتغل عشان متتعاملش مع حد..

والحقيقة أن القرارات دي مش أنت اللي واخدها بمزاجك, ولكنك واخدها تحت ضغط بسبب خوفك من الناس, والنتيجة أنك فعلاً بتكون وحيد, لا عندك أصدقاء, ولا حياة إجتماعية, ولا عملية, ولا زواج ولا أي حاجة خالص, وعشان كدة ناس كتير بتكتئب, وممكن كمان توصل للإنتحار للأسف, بسبب القلق الإجتماعي..

أختم كلامي بالمقال دا وأقول أن فيه ناس بيكون عندها قلق إجتماعي وهي مش عارفة, وممكن تعيش وهي فاكرة نفسها طبيعية, وبتقنع نفسها بمبررات منطقية من وجهة نظرها عن أسباب عدم عملها أو عدم إرتباطها, ولكن في الحقيقة هي "خايفة" ومتعرفش أنها خايفة وبتعاني من القلق الإجتماعي..


بإذن الله المرة اللي جاية هنتكلم عن الأعراض النفسية والإجتماعية والعضوية, اللي بتحس بيها, لو تم إجبارك وأضطريت تقابل ناس معينة..
J



Apr 16, 2018

غير معلوم المصدر!





تعرفت ولاء على شيرين بالمدرسة الثانوية, وفضلوا هما الأتنين أصدقاء لحد ما أتخرجوا من الجامعة, صحيح كل واحدة فيهم أتخرجت من كلية مختلفة عن التانية, بس دا مكنش سبب نهائي في أنهم يفترقوا عن بعض.
بعد التخرج من الجامعة بدأت كل واحدة فيهم تفكر هتعمل إيه في مستقبلها؟!

فبدأت كل واحدة تفكر على إنفراد هل هتشتغل  ولا هتقعد شوية في البيت تلتقط أنفاسها وتستريح شوية من الدراسة وبعدين تشتغل ولا هتعمل إيه بالظبط؟!..
شيرين كانت محددة هتعمل إيه أكتر من ولاء, لأنها كانت مقررة أنها هتشتغل في مجالها وعشان كدة بدأت تدور على شغل بعد التخرج مباشرة, وبعد شهرين بالظبط من البحث وجدت شغل مناسب لطبيعة شخصيتها الإجتماعية في شركة مالتي ناشيونال..

ولاء فضلت قعدة في البيت ومش عارفة تدور أزاي على شغل ولا تعمل إيه, ولما كانت شيرين بتعرض عليها أنها تساعدها كانت بترفض بحجة أنها عايزة تستريح شوية من الدراسة ومش حابة تشتغل دلوقتي..
طبعاً ولاء كانت مُحرجة تقول لشيرين أن هي مش عارفة تدور أزاي أساساً على شغل, ولكن الموضوع دا مستمرش كتير لأن عم ولاء جاب لها شغل كوظيفة إدارية في الشركة اللي بيشتغل فيها مدير موارد بشرية..
وعلى الرغم من إنشغال الصديقتان في شغلهم إلا أن دا مأثرش خالص على صداقتهم, وأستمروا يتقابلوا مرتين إلى 3 مرات أسبوعياً..

جت في يوم شيرين بتحكي لولاء أنها مُعجبة بزميل لها في الشغل, وهو كمان مُعجب بيها جداً وعرض عليها أنه يجي يقابل والدها عشان يتقدم لها بشكل رسمي, فرحت جداً ولاء بالخبر دا وباركت لشيرين وقامت حضنتها.
وبدأوا هما الأتنين يتخيلوا مع بعض شكل الفرح وشكل فستان العروسة, ويهزروا ويضحكوا مع بعض..
جيه رامي –عريس شيرين-- فعلاً وأتقدم رسمي وأتفق مع والد شيرين على كل تفاصيل الزواج, وحددوا معاد الخطوبة, واللي أول ما شيرين عرفته, راحت جري وأتصلت بولاء عشان تبلغها بالمعاد..
ولاء فرحت جداً لشيرين بس جواها كان فيه حاجة غريبة, حاجة هي نفسها مش قادرة تحددها, ليه لما عرفت بخبر خطوبة شيرين خافت؟

ليه حست أنها عايزة تنهي الصداقة لمجرد بس أنها خافت من الخبر دا؟
ليه أصلاً كانت بتفكر تروح الخطوبة ولا متروحش؟!
تروح ولا متروحش؟!

هي دي أصلاً حاجة محتاجة تفكير؟!
دي صديقة عمرها بتتجوز, ولو ولاء مراحتش لشيرين في يوم زي دا, يبقى إيه لزمة الصداقة دي أساساً؟!
طبعاً كلنا ممكن نحكم على ولاء أنها صديقة غارت من صديقتها, لأن صديقتها هترتبط وهي لأ, ولكن الأمر بالنسبة لولاء كان مختلف تماماً..

قبل معاد الخطوبة بأسبوع قررت ولاء تختفي, كانت شيرين بتحاول تتصل بيها ولكن مكنتش بترد عليها, حاولت شيرين تروح لها البيت مكنتش بتلاقيها موجودة..
شيرين كانت هتتجنن, لأنها محتاجة لصديقتها جداً تدور معاها على فستان الخطوبة, وتروح معاها تتفق مع الكوافير, كانت محتاجة لها تكون معاها خطوة بخطوة في أسعد لحظات حياتها..
لكن ولاء أختفت!

أختفت تماماَ
بدأت شيرين تحس أن ولاء مش هي الصديقة اللي تعتمد عليها, وزعلت جداً منها لأنها سيباها لوحدها في موقف زي دا.
وقبل معاد الخطوبة بيوم بعتت ولاء رسالة على الموبايل لشيرين بتقولها فيها: هتكوني أحلى عروسة, أنا حاسة أن أنا اللي بتجوز, بحبك بجد, والله بحبك.
قرأت شيرين رسالة ولاء وأستغربت جداً منها, أزاي بتحبيني يا ولاء وسيباني كدة لوحدي وأنتي عارفة أن مليش غيرك أتسند عليه؟!
أزاي بتقولي بتحبيني يا ولاء وأنا مش لاقياكي جنبي؟!
وفضلت تكلم نفسها وتقول: أنا زعلانة منك يا ولاء حقيقي زعلانة ولما أشوفك بكرة في الخطوبة هاخدك على جنب وهسيب كل حاجة؛ الفرح بالعريس بالمعازيم, وهقعد أتكلم معاكي عشان أعرف ليه عملتي كدة؟!

وفي يوم الخطوبة:

أتصلت شيرين بولاء عشان تتفق معاها هتجيلها على البيت أمتى ولا هتروح على قاعة الفرح مباشرة, ولكن ولاء مردتش, حاولت شيرين تتصل بيها تاني ولكن موبايل ولاء أتقفل!
هنا حست شيرين أن ولاء عندها حاجة غريبة تمنعها أنها تتواجد معاها, بس يا ترى إيه اللي يمنع ولاء؟!
ظنت شيرين أن في حد من أهلها تعبان, ولكنها كلمت والد ووالدة ولاء وكانوا زي الفل..
طب فين المشكلة يا ولاء فين؟!

بدأت حفلة الخطوبة, وبدأت شيرين تحس بالقلق على ولاء وكل شوية تبص على الناس لعل وعسى تشوف ولاء قاعدة في وسطيهم, ولكن الحفلة خلصت وولاء مجتش!
وبعد ما أنتهت الحفلة وشيرين رجعت بيتها, معملتش أي حاجة غير أنها بعتت لولاء مسج وكتبت لها فيها: Thanks a lot my best friend!

ولاء شافت الرسالة وفضلت تبكي بحرقة, لأنها في نظر صديقتها الوحيدة, ندلة تخلت عن صديقتها في أكتر وقت هي محتاجة لها فيه, ولكن ولاء كان عندها عذر محدش هيقدر يستوعبه ولا يحس به غيرها هي بس, حتى أهلها مش هيقدروا يستوعبوه, ولا حتى شيرين هتقدر تحس ولاء بتمر بإيه..
فكرت ولاء تتصل بشيرين وتعتذر لها, بس هتتصل بيها تقولها إيه؟!
ليه موقفتش جنبها؟!

إيه عذرها القهري اللي يخليها تتخلف من حضور خطوبة صديقتها؟!
المشكلة أن ولاء نفسها مش عارفة هي ليه أتصرفت بالشكل دا, ولكن الحاجة الوحيدة اللي تعرفها أن كان عندها رهبة من حضور خطوبة صديقتها أو رهبة من أي نوع فيه تجمع بشري!
ولاء كانت تعاني من قلق إجتماعي أو رهاب إجتماعي, وهو دا اللي خلاها متحضرش خطوبة صديقتها..
إحساسها بأنها هتكون محل أنظار كل الحضور؛ حيث أن كل الناس عارفين أنها أقرب صديقة للعروسة, خلاها تتغيب عن يوم زي دا..

إحساسها بأنها لازم هتختلط بالناس خلاها تخاف تحضر الخطوبة..
إحساسها أنها هتضطر تكون مع أهل شيرين في التحضيرات خطوة بخطوة, خلاها متقدرش تحضر خطوبة صاحبتها..

ولاء مش شخصية ندلة زي ما الناس معتقدة, ولاء فقدت ثقتها بنفسها من صغرها بسبب محيطها الأسري واللي كان دايماً بيكبت شخصيتها, فخلاها تكبر وهي مش قادرة تمارس حياتها بشكل طبيعي, وعشان كدة هي مش عارفة لا تعمل صداقات جديدة, ولا عارفة تشارك صديقتها الوحيدة في أحداث حياتها المختلفة من حزن وفرح, ولا حتى عارفة تتعامل بشكل جيد مع زمايلها في الشغل..