Nov 12, 2016

تخلص من الإكتئاب فقط بالكتابة!





كثيراً ما ينتابنا شعور بالضيق والملل من كل شئ حولنا, كثيراً ما نود البوح بما في أنفسنا من هموم وألام ولم نجد من يسمعنا ويشعر حقيقةً بما نشعر به.

كثيراً ما نود التعبير عن مشاعرنا بصدق وبكل حرية, ولكننا للأسف نكبتها ونكتمها بداخلنا خشية أن يفهمنا الناس خطأ, وخشية أن يحكم علينا الآخرين بأننا مُذنبون أو غير مُذنبون.
كثيراً ما نود أن نُفكر في الكثير من مشاكلنا المختلفة التي تواجهنا في الحياة سواء كانت مشاكل شخصية أو حتى مشاكل عائلية, ونريد أن نستشير أحداً بها لكي يدلنا على الحلول الصحيحة, ولكننا للأسف لم نجد ذلك الشخص الذي من الممكن أن نأتمنه على مشاكلنا وأسرارنا.

في واقع الأمر توجد الكثير من المتاعب في الحياة, والأفكار الإيجابية منها والسلبية, كالطموح, والأحلام وغيرها الكثير من الأشياء التي تتعلق بنا, منها المخاوف التي تجب بخاطرنا والماضي الذي يُعرقل سيرنا نحو حياة أفضل, كل هذه الأشياء نريد أن نبوح ونصرح بها إلى شخص يستطيع أن يساعدنا دون أن يفضح أمرنا, بالطبع يوجد هؤلاء الأشخاص حولنا كالأطباء النفسيين أو المُعالجين النفسيين, ولكن ماذا لو لم تجد طبيب نفسي ترتاح له؟!
ماذا لو لم تجد مُعالج نفسي بالقرب من مقر سكنك؟!

ماذا لو لم تملك المال الذي تستطيع أن تنفقه على علاجك النفسي؟!
ماذا لو لم تجد الصديق الحقيقي الذي ينصت إليك بكل حب, دون أن يحكم على تصرفاتك إن كانت خاطئة أو لا؟!!
والكثير من الأسئلة الأخرى والتي من الممكن أن تدور بداخل ذهنك, وتجعلك تُفكر بطريقة سلبية لمجرد أنك لم تجد أحداً من الممكن أن يساعدك بصدق.
ولكن عزيزي القارئ دعني أطرح عليك طريقة عملية جداً, من الممكن أن تساعدك, فهي لم تُكلفك شئ, سوى ورقة وقلم!

نعم, ورقة وقلم فقط.

وهذه الطريقة تُسمى العلاج بالكتابة, وهناك البعض الذي يطلق عليها التأمل بالكتابة.
في واقع الأمر صاحب الريادة في ذلك المجال هوJames Pennebaker, بالطبع كانت توجد محاولات بحثية في ذلك العلم قبل James Pennebaker, ولكنه هو من دفع من عمره تقريباً حوالي 25 سنة, لكي يأتي إلينا بإنجازات في ذلك العلم العظيم, ومازال البحث مستمراً, فهذا العلم مازال في مراحله الأولى ولم ينضج بعد.

وبدلاً من الدخول في تفاصيل حول نشأة ذلك العلم وتطوره, دعونا ندخل في صلب الموضوع  مباشرة لنتعرف معاً كيف يمكننا الإستفادة من ذلك العلم العظيم, وهو علم أو فن العلاج بالكتابة.
سوف أطرح ذلك العلم عن طريق الأسئلة التي من الممكن أن تدور بخاطرك عزيزي القارئ, فلنبدأ معاً:

من المُستفيد من ذلك الفن/علم؟
أي شخص على وجه الكرة الأرضية يستطيع أن يستفيد من ذلك الفن, فكل شخص يستطيع أن يكتب ما يحلو له, سواء كان ذلك أحلامك, مخاوفك, ذكرياتك السعيدة منها والأليمة, عراكك مع إناسٍ مُميزين في حياتك..ألخ, ببساطة تستطيع أن تكتب عن أي شئ وكل شئ.
أيضاً يوجد الكثير من الناس من يستخدمون هذه الوسيلة كنوع من التأمل الروحاني.

ما هو أنسب وقت للكتابة؟
يُفضل الكتابة عند الإستيقاظ من النوم, أو في نهاية اليوم قبل الخلود إلى النوم.

ما هي المدة الزمنية التي أكتب فيها؟
عشرون دقيقة يومياً.

هل من الممكن أن أكتب في كذا موضوع في نفس ذات الوقت؟
في واقع الأمر, لا يُفضل ذلك ولكنك من الممكن أن تكتب ولمدة عشرون دقيقة عن موضوع يشغل تفكيرك, وعند الإنتهاء منه أبدأ في كتابة الموضوع الأخر.

ماذا لو لم أحب الكتابة؟
تستطيع أن تسجل صوتياً, سواء كان ذلك من خلال هاتفك النقال أو حاسوبك الآلي.

ما هي الأدوات التي استخدمها في الكتابة؟
ورق مُحبب بالنسبة إليك أو "جورنال" متوفر بالمكتبات, وقلم تُفضل نوعه والكتابة به, أو من خلال الحاسوب الآلي عن طريق ملف الورد على سبيل المثال.

كيف أكتب؟ وما هي الطريقة المُثلى للكتابة؟
تستطيع أن تجلس في مكان يخلو من الضوضاء, وتهيأ نفسك بأنك تسترخي تماماً, يُفضل أن تقوم ببعض التدريبات المتعلقة بالتنفس, ومن ثم تبدأ في الكتابة بشكل لا إرادي, فقط دع القلم ينساب على الورق دون توقف إرادي منك, دعه يفرغ ما بداخله, ويعبر عن ما يؤلمه من مشاغل حياتية ومشاكل.

في الواقع هناك طرق مختلفة في الكتابة على سبيل المثال:

1-    الطريقة المُحددة بوقت:
 في هذه الطريقة أنت تُحدد وقت معين تكتب فيه, ما بين 5- 15 دقيقة, وبعد ذلك الوقت تترك القلم ولا تكتب شيئاً بعدها, حتى لو جملتك لم تكن قد أكتملت بعد.

2-   الطريقة الإنسيابية:
وفي هذه الطريقة أنت تقرر الجلوس لتكتب ما تشاء, بصرف النظر عن ما تكتبه, فقط دع الكلمات تتساقط على الورق بمنتهى الحرية.

3-   طريقة الحوار:
 في واقع الأمر بداخل كل منا صوت داخلي يحدثه بإستمرار, ولكي تعرف كيفية الرد على ذلك السؤال لا بد لك من أنك تحلله التحليل الأمثل الذي يتناسب معه, وهذه الطريقة تعلمك كيف تحاور ذك الصوت والرد عليه.
مثال: أنا: أشعر بالخوف من تجربة أي شئ جديد.
      نفسي: ولم لا من الممكن أن تكون تلك التجربة ممتعة للغاية, جربي ودعي التجربة تثبت لكِ صحة أو خطأ حكمك عليها من البداية.

4-   الخطاب الغير مقروء:
في تلك الطريقة أنت تقوم بكتابة خطاب لشخص ما, تحكي بداخله ما تشاء, وعند الإنتهاء لا تقم بإرساله, فالهدف هو الكتابة والحكي فقط.

وماذا بعد الكتابة؟ هل سأحتفظ بما كتبت أم ماذا؟
بالطبع يوجد العديد من الإختيارات في مثل تلك الحالات, فهناك من يحتفظ بما كتب بل ويعدل فيه, وأحياناً ينشره على مدونته الخاصة, ويقوم بمراجعته من حين لأخر.
وهناك من يقطع الورق نهائي, لأنه لا يريد أن يقرأه أحداً غيره.
فالهدف من الكتابة هي أنك تُعبر عن حالتك بكل صدق وعفوية وتلقائية, دون إعتبار لأخطاءك اللغوية أو النحوية, فقط أنت تكتب لكي تشعر بالاستمتاع والراحة, وبالطبع يفضل أن لا يقرأ كلامك أحداً غيرك, حتى تتجنب الشعور بالخجل أو حكم الآخرين عليك من خلال ما يقرؤون عنك.

في الحقيقة فن وعلم العلاج بالكتابة له الكثير من المراجع والمصادر لأهميته القصوى, ولأنه يدخل في علاج الكثير من الأمراض النفسية كالإكتئاب والقلق والتوتر, نحن هنا فقط عرضنا ذلك الطرح من خلال نقاط مُختصرة للغاية عن ذلك العلم.


وفي الختام نود أن نقول لك لا يهم ماذا تكتب, ولكن الأهم أن تعبر عن مشاعرك بكل صدق وأمانة, من الممكن أن تشعر ببعض الضيق والحزن عندما تستغرق في الكتابة عن موضوع ما يؤلمك, من الممكن أن تبكي في كثير من الأحيان, وكأنك تشاهد فيلم تراجيدي, ولكن تأكد بأن تلك المشاعر سوف تتلاشى تماماً في خلال ساعتين من إنتهاءك بالكتابة في ذلك الموضوع, ولو لم تنتهي تلك الحالة من الممكن أن تبدأ في كتابة موضوع أخر تماماً حتى تهدأ, وتعود للموضوع الأول مرة أخرى.

Nov 1, 2016

العــــانـــــس!




لم أكن أتصور يوماً ما إنني سوف أقابل شخص, يفتح لي قلبه منذ المرة الأولى والأخيرة في لقاءنا!!
فأنا مؤمنة حقاً بأن الأرواح تتلاقي بسرعة البرق, ولكني لم أتخيل أنها سريعة إلى مثل هذه الدرجة.
                                                 ***   

عندما توفى أبي –رحمة الله عليه—كنت دائمة الشرود في اللاشئ, كنت أفضل الجلوس وحدي, كنت أفضل التنزه وحدي, كنت أرفض التجمعات, وكنت أرفض مقابلة الأصدقاء, كل ما كنت أفعله حقاً هو إنني أبقى وحدي تماماً دون وجود شخص معي.

وفي يوم من الأيام قررت أن أسير بمفردي في الطرقات, ووجدت قدماي قد أستقرا في مكان هادئ خالِ من كل البشر, وجدت في ذلك المكان راحتي, شعرت حينها أنني بدأت ألتقط أنفاسي مرة أخرى.
كان ذلك المكان أشبه بالجزيرة من شدة جماله وروعته, به الكثير من الأشجار والمناظر الطبيعية, تتوسطه بحيرة ماء نقي صاف تماماً.

ولحسن حظي وجدت بذلك المكان مقعد من الممكن أن يحمل شخصان معاً, ولكن لعدم وجود شخص غيري فجلست على ذلك المقعد بمفردي ووضعت حقيبتي بجانبي.
وفور جلوسي أخرجت كتاباً من حقيبتي التي كانت بجانبي, وبدأت أتصفحه بلا إهتمام, فلم أكن أريد أن أقرأ حينها, فأغلقته مرة ثانية ووضعته بجانبي, وأخذت أشرد بخيالي وأنا أنظر إلى البحيرة العميقة تلك.

ظللت أفكر في كل شئ بحياتي تقريباً, كنت أفكر في أهلي, حياتي, مستقبلي, طموحي, أصدقائي, كل شئ تقريباً كنت أفكر به, ولكنني كنت مجرد أمرره فقط على خاطري ولم أخذ أي قرار للقيام به في أي جانب من جوانب حياتي تلك.

بقيت في ذلك المكان إلى ما يقرب سبع ساعات تقريباً دون أن أشعر بمرور الوقت, وعندما غلبني النعاس قررت أن ألملم أشيائي وأن أعود إلى منزلي, وفي ظل وقوفي وأنا أميل قليلاً إلى الأمام ناحية المقعد لكي ألتقط منه كتابي, لمحت شخص قادم من بعيد, في بادئ الأمر شعرت بالرهبة قليلاً, لأن ملامحه لم تكن ظاهرة لي, ولكن عندما أقترب مني ذلك الشخص وجدتها امرأة.
كانت سيدة تبلغ من العمر حوالي أربعون عاماً, كانت أنيقة جداً, جميلة, واضعة المساحيق الهادئة البسيطة والتي تضفي على وجها جمالاً أكثر, أقتربت مني وقامت بتحيتي عن طريق ميل رأسها قليلاً إلى الأمام مع ابتسامة رقيقة, بالطبع ألقيت عليها التحية أنا أيضاً.

جاءت لتجلس على المقعد الذي كنت أجلس عليه, وبعدما كنت أنوي على الرحيل, فضلت أن أجلس بجانب تلك السيدة لشدة فضولي أن أتحدث إليها, فأنا شغوفة جداً بالناس وبمعرفة قصص حياتهم والتي بالطبع بها الكثير من الحكايات والذكريات السعيدة منها والتعيسة.
وبالفعل جلست بجانبها دون أن أتفوه بكلمة واحدة, كنت أحس بأنها لم تشعر بوجودي أصلاً من شدة تفكيرها في أمر ما لا أعلمه, وهنا بادرت إلى أن أتحدث معها على إستحياء ودار فيما بيننا ذلك الحوار:

أنا: المكان جميل قوي هنا, أنا أول مرة أعرف إن في مكان بالجمال ده في مصر.
هي: فعلاً.
أنا: والحمدلله أن الجو النهاردة طلع حلو وإلا كانت هتبقى مشكلة لو مطرت.
هي: مش فارقة كتير أنا بحب المطر أصلاً.
في حقيقة الأمر شعرت بأنها ترد على مضض, فهي لا تريد أن تتحدث إلى أحد ولكنها كانت ترد علي لذوقها في أن لا تحرجني ليس أكثر, كنت أنوي أن أكف عن كلامي معها, ولكن كان هناك شئ ما بداخلي يقودني إلى الحديث معها مرة ثانية, ولا أعلم السبب وراء ذلك الإحساس!
ولأنني كنت دائماً ما أثق في إحساسي وحدسي, فقررت أن أكمل معها حواري.
وبالفعل نظرت إليها وقلت لها: أسمي ندا.
ردت علي وهي تبتسم, فمن الواضح أنها شديدة الذكاء, وتعلم جيداً أنني أريد أن أتجاذب معها أطراف الحديث: وأنا رقية.
أنا: الله أسم جميل قوي.
هي: ميرسي لذوقك.
كانت ترد علي وتنظر مرة أخرى إلى السراب, كانت تنظر فور إنتهاءها من الرد علي إلى اللاشئ.

أنا: عارفة يا روكا, تسمحي لي إني أقولك روكا, أنا من أنصار الرغي والحكي في المطلق, يعني مرة مثلاً كنت زهقانة وعايزة أتكلم فنزلت الشارع وفعلاً أتكلمت مع بنت في حاجة كانت مضيقاني وكنت محتاجة أخد فيها قرار, طبعاً هتقوليلي وليه مخدتش رأي حد من صحابي أو حتى أهلي, هقولك أحياناً بنبقى عايزين نتكلم مع حد ميعرفناش, ميبقاش عنده حكم مسبق بشخصيتنا وطريقة تفكيرنا, يسمعنا ويقولنا رأيه من غير ما يعرف أحنا مين, من غير ما يدينا رأيه النابع من معرفته بشخصيتنا الحقيقة, عايزينه يتكلم معانا لمجرد إنه إنسان بيخاطب إنسان مش أكتر, إنسان لا يعرف هو منين ولا بيشتغل إيه ولا بيواجه مشاكل إيه, يتكلم معانا لمجرد الكلام مش أكتر.
نظرت إلي بإستغراب شديد, وكأنني كنت أقول ما تود سماعه حقاً, وفي صعوبة نطق بالغة قالت لي: بس أحياناً الكلام حتى لو مع شخص ميعرفكيش بيوجع, أحياناً الكلام بيوجع أكتر ما بيريح يا ندا.

قلت لها: آه, أتفق معاكي تماماً, بس لو متكلمناش برضه هنموت من الكبت, تعرفي أنا مرة سمعت واحدة بتحكي عن جوزها اللي مات بتقول مصطلح غريب قوي, قالت "أتحسر في بطنه ومات"! اللي هو للدرجة دي ممكن حد يكتم همومه ومشاكله لدرجة إن كبتها تموته؟!
رقية: الحياة فيها من الصعوبات ما لا نطيق, ومش كلنا بنقدر نستحمل اللي بنشوفه, وحتى لو قدرنا الناس والمجتمع مش بيرحمونا, تعرفي أنا كتير بقول أن الحياة بدون ناس أحلى وألطف كتير من وجودهم, أنا نفسي أعيش لوحدي, أو أنتمي لمجتمع محدش فيه يعرف حد, نفسي في كدة قوي.
أنا: بعتقد أن كلنا بنحس بنفس الشعور ده من حين لأخر, ولكن محدش يقدر يعيش لوحده!
رقية: بس أنا قدرت.
أنا: إزاي؟!

عم الصمت لبضع دقائق دون أن يتفوه أحد منا ولو بكلمة واحدة, وفجأة وجدتها تبكي في صمت, وكأنها تخشى أن تقوم بعمل ضجيج من الممكن أن يوقظ شخصاً نائماً بجوارها.
ترددت كثيراً قبل أنا أسألها ما بها ولماذا تبكي, ولكني قررت أن أسألها مهما كانت النتيجة المحتملة, وبالفعل سألتها: هو أنا ضايقتك بكلامي يا روكا؟

رقية: لا أبدأ, أنا بس اللي كنت جاية أشم هوا وأقعد لوحدي لكن واضح جداً إني مهما حاولت أهرب هلاقي الشخص اللي يجي ويفكرني بالحاجات اللي بهرب منها, وإنتِ النهاردة كنتي الشخص ده.
أنا: أسفة جداً لو تطرقت لأحاديث مكنتيش حابة تتكلمي فيها, وحقيقي أنا مش....
قاطعتني قبل أن أكمل كلمتي.

وقالت لي: أنا مش فاكرة الحكاية بدأت أمتى ولا حتى إزاي ومنين, كل اللي أنا فكراه إني شخص قرر إنه يعيش الحياة اللي يخترها هو بمحض إرادته, شخص يقرر إيه اللي يتناسب معه وإيه لأ, شخص يختار الحياة اللي مش فارضها عليه المجتمع, وعشان كدة أتخرجت من الجامعة وتحديداً كلية الهندسة, كان وقتها تحدي بالنسبة لي إني أدخل كلية زي دي لأن محدش كان متوقع إني ممكن أجيب مجموعها, وفعلاً دخلتها وأنا فخورة جداً بنفسي, ركزت في الدراسة عشان كنت حابة أتعين مُعيدة, مكنتش بهتم أعمل صداقات جديدة وكنت مكتفية بصدقاتي القديمة اللي بحبهم جداً وبيحبوني, وفعلاً أتخرجت من الجامعة وأتعينت مُعيدة, وبرضه كان ده تاني إنجاز في حياتي أحس فيه بالفخر, كنت دايماً أقول لنفسي أن الشغل الأكاديمي مش كفاية وعشان كدة قررت أشتغل في شركة بجانب شغلي في الجامعة, وهناك أتعرفت على زميل ليا حبيته جداً, كنت مستعدة أتنازل عن أي حاجة في الحياة عشان بس نتجوز, كنت مستعدة أتنازل عن طموحي ومكانتي الإجتماعية عشانه, ولكن للأسف طلع كان بيتسلى بيا في الأخر وكان بيتقرب مني بس عشان كنت شاطرة وعشان كنت بساعده في شغله.

سبت الشغل وقررت أكتفي بالجامعة وإنشغل بالدراسات العليا, نسيت نفسي في الشغل وفي الدراسة إلى أن وصلت لسن التلاتين!
فجأة كل صحابي أتجوزوا وخلفوا كمان, فجأة لاقيت نفسي لوحدي, طبعاً بنخرج أنا وصحابي بس كلامنا ما بقاش واحد, مشاكلنا مبقتش واحدة, إحساسنا مبقاش واحد, هما مش هيقدروا يحسوا بمشاكلك ولا انتي كمان هتقدري تحسي بمشاكلهم, عشان كل واحد فيكم عايش حياة مختلفة تماماً.
مرة قعدت مع نفسي عشان أشوف هعمل إيه في حياتي وجيت المكان ده بس فضلت فيه لوحدي, وكنت بكلم فيه نفسي, سألت نفسي هو اللي أنا بعمله ده صح؟!

العمر بيجري بيا ولحد دلوقتي متجوزتش ولا عندي أولاد, مأنا مسيري هكبر ومسيري أتقاعد عن العمل وهبقى بجد ساعتها لوحدي تماماً, مفيش حد يملا عليا حياتي, مش هيبقى فيه صحاب ولا أحباب, ساعتها مش هيبقى في حد نهائي.
آه دلوقتي أخترت إني أركز في شغلي ودراستي, بس طب وبعدين, يعني هو أنا لازم أركز في حاجة وحاجة تانية تقع من إيدي, يعني مينفعش أبقى ناجحة في شغلي وفي نفس الوقت أبقى زوجة وأم ناجحة برضه؟!!

ساعتها كانت لسة السكينة سرقاني وأهلي كانوا حواليا هما وصحابي, ركزت أكتر في شغلي وخدت الماجيستير والدكتوراه كمان, أهلي وصحابي بدأوا يجيبوا لي عرسان, وفي كل مرة كنت بقابل حد فيهم مكنتش بحس بالراحة والأمان معاهم, وطبعاً كنت برفضهم..
تمر السنين ووأنا عندي 35 سنة والدي توفى وكانت صدمة بالنسبة لي حسيت إني خلاص مبقاش ليا ظهر أتسند عليه, بجد حسيت إني لوحدي, وبعدها بفترة قررت إني أتجوز عشان أرجع لحياتي الأمان من تاني, بس مقدرتش أخد خطوة إني أتجوز لمجرد الجواز وبس, أنا نفسي أتجوز واحد يحس بيا وأحس بيه, وبعد ما فشلت في الجواز قررت أسافر وأشوف وأتعرف على ناس جديدة وأشوف حياة جديدة.

وفعلاً أنبسطت جداً من السفر, وفرحت قوي بالعلاقات والصدقات الجديدة اللي كونتها في كل بلد زرتها تقريباً, ولكن وللأسف الشديد رجعت مصر تاني, رجعت للمجتمع وكلام الناس اللي مبيرحمش, والناس بدأت تقولي يا عانس صحيح بهزار, بس أنا بحس بوجع لما بسمعها منهم.
أمي هي كمان توفت لما وصلت لسن الأربعين, وهنا بقى كانت القشة اللي قسمت ظهر البعير خصوصاً إني كنت وحيدة معنديش أخوات, فجأة بقيت بطولي ولوحدي بلا ونيس أو جليس زي ما بيقولوا كدة.

وبعد ما كنت بهزر وبضحك ومُقبلة على الحياة بقيت مطفية ومش عايزة أعمل حاجة, تعرفي لولا أن الإنتحار حرام كنت أنتحرت من زمان.
صحابي بطلوا يسألوا عليا, أهلي من ناحية بابا وماما أصلاً مكنوش بيسألوا علينا لما بابا وماما كانوا عايشين, فكان شئ طبيعي أنهم ميسألوش عليا لما ماتوا.
سكتت قليلاً ثم أكملت حديثها فقالت:

ندا أنا بشوف في عيون الناس نظرات المسكنة والصعبانيات دي بتقتلني من جوايا, محدش بيقول حاجة بس عيونهم يا ندا بتوجع أكتر من الكلام, ليه المجتمع بيهاجمنا لمجرد أننا متجوزناش؟!
ليه الناس متسبش الناس في حالها..
عارفة أنا حاسة إني عندي حالة من الزهق من كل حاجة, من الجامعة, من الناس, من السفر من كل حاجة ونفسي أختفي.
أنا: تختفي؟!!

رقية: أيوة أختفي, نفسي محدش يشوفني وأعيش لوحدي وبمزاجي من غير جبروت وظلم الناس ليا, نفسي أتلاشى من الحياة وبشكل نهائي.
أنا: إنتِ شايفة أن تفكيرك ده صح؟! يعني أنا رأيي......

وقاطعتني وقالت: ندا أنا مش عايزة حد يحللي اللي أنا قولتله, أنا مش عايزة حد يقولي أنا صح ولا غلط, أنا أصلاً مكنتش عايزة أتكلم مع حد, بس أنا ارتحت لك فحكيت, حكيت عشان أتسمع وأسمع نفسي وأنا بعيد قصة حياتي ولكن بصوت عالي, أنا حكيت عشان أعرف أنا إيه اللي جوايا بالظبط, أنا حكيت عشان لاقيت اللي يسمعني ويحس بيا ويهتم إنه يعرف مالي, ومعرفش أنا حكيتلك إزاي أصلاً؟!


بعد سماعي لحديثها, شعور داخلي كان يدفعني إلى أحتضانها, فهي ليست بحاجة إلى النصح والإرشاد كمان قالت, ولكنها بحاجة إلى الحضن الدافئ الصادق النابع حقيقاً من القلب.
جففت دموعها واستعدت للرحيل, حينها أوقفتها وضمتها إلى صدري, فبدأت في البكاء مرة ثانية..ولكن في هذه المرة كان نحيباً
                                                  ***


Oct 14, 2016

العمق بيوجع يا ندا




كنت أتحدث إلى صديقة, وفجأة تطرق حوارنا إلى العلاقات الإجتماعية بمختلف أنواعها, وهنا أنا وضحت لها مدى ميلي الشديد إلى العلاقات الإجتماعية العميقة, ذات الإهتمام, ذات المشاركة في كافة الأشياء السلبية منها والإيجابية, ذات الود والتعاطف فيما بيننا, ذات المُكاشفة والوضوح لكل منا للأخر, ذات الحب العميق والإخلاص.

أنتهيت من كلامي هذا, بعدما وضحت لها, لماذا أنا أميل بهذا الشكل إلى العلاقات الإنسانية العميقة.

وجدتها صمتت لبُرهة, ثم ردت علي وقالت الآتي: العمق بيوجع يا ندا.

بالطبع سمعت هذه الجملة بوضوح شديد, بل وجدتها أخترقت قلبي الذي يكمن بين ضلوعي, وجدت نبضات قلبي تتسارع وكأنها في مارثون, وجدتني للحظات شاردة, لا أعلم كيف أجيب عليها, أو أقُل لها ماذا!!

"العمق بيوجع يا ندا"
يا لها من جملة تبدو أنها غاية في البساطة, ولكن تحمل بداخلها الكثير من المعاني والأحاسيس المتداخلة المتشابكة.
جملة تبدو لأول وهلة أنها عادية, ولكن إذا تعمقت بداخلها فسوف تجد نفسك بداخل حيرة فائقة تنتابك, سوف تجد نفسك أمام ذكريات جعلتك تقول مثل تلك الجملة في كثير من الأحيان.

قطعت شرودي هذا وقُلت لها: وماذا في العمق من وجع؟

فقالت لي: عندما تتدخلين في حياة شخص ما, وتسمحي له أن يخترق كيانك, سوف يوجعك الفراق, فنحن مهما عيشنا فلا بد لنا في يوم من الأيام أن نفترق يا ندا.

قُلت لها: وهل معنى ذلك أن لا نبني علاقات جديدة عميقة, خشياً من الفراق, أهذة تُسمى حياة؟!
فكرت لبُرهة وقالت لي: نعم, على الأقل أنا أسميها حياة, فأنا لم أعد قادرة على تحمل عسرة القلب وألم الفراق مرة أخرى, فأنا جربت ذلك الإحساس مرة واحدة ومازلت أعاني فقدانه حتى الآن.
هنا طلبت منها أن توضح لي معنى العمق من وجهة نظرها, فقالت لي: العمق المقصود به أن تكوني ذاتك الحقيقة مع شخص أخر, أن لا يكون هناك مناطق محظورة أو ممنوعة, فكل شئ تستطيعين أن تشاركيه إياه, بلا خطوط حمراء وبلا خصوصية.

بادرت وقُلت لها: فأنتِ هنا تصفي معنى التعلق وليس عمق العلاقات.

فقالت لي: وما معنى العمق من وجهة نظرك؟
قُلت لها: العمق هو أن نتداخل في حياة بعضنا البعض, ونتشارك في كل شئ سوياً, مع الإحتفاظ بمناطق الخصوصية الخاصة بكل منا على حدة, فأنا ضد أن نعرف الكثير أكثر مما يجب أن نعرف عن شخص ما, فهذا يكون ضد مصلحة أي علاقة مهما كانت, لذلك فيجب على كل أحد منا أن يحتفظ بخصوصياته بعيداً عن الأخر.

غالباً راق لها هذا الكلام, وأطمئنت لأنها سوف تحتفظ بخصوصياتها بعيداً عن أي شخص.
عم الصمت قليلاً فيما بيننا, قاطعته أنا عندما قُلت لها: ولكن من الممكن أن تكون مناطق الخصوصية بالنسبة لكِ, تُعبر عن عدم الثقة المُطلقة في شخص أخر.
طلبت مني التوضيح.

فقُلت لها:
 مثال:
 إذا كانت حياتك العاطفية تعتبرينها منطقة خاصة محظورة, فبعد مرور سنوات عديدة على علاقة ما, سوف تجدي نفسك تتحدثين مع ذلك الشخص عن حياتك العاطفية تلك, أي أنها كانت أزمة ثقة وإطمئنان لهذا الشخص, وليست منطقة خصوصية.
ردت علي بالإيجاب على كلامي, حيث أنها وافقتي الرأي.

حاولت بعد ذلك أن أزرع في نفسها الإحساس بالأمان والإطمئنان في إنشاء علاقات  إجتماعية جديدة, وقُلت لها: مهما تعرضنا لوجع أو إحساس بالألم من الآخرين, فتلك هي الحياة ولا بد أن نختبر الكثير من المشاعر في الحياة السلبية منها والإيجابية أيضاً...يا عزيزتي.

فالمشاعر تجعل منا أشخاصاً أقوياء, ولهذا السبب يجب علينا أن نواجه مشاعرنا مهما كانت, لا أن نهرب منها..

:)


Oct 11, 2016

لايت كوميدي



وبعد حوالي 3 سنين زواج أخيررررررررررررررررراً الزوجة حامل..هنشوف تلقت الخبر إزاي من الدكتورة...

الزوجة أسمها: لارا

في العيادة:

الدكتورة: هو أحنا طبعاً مش هنقدر نعرف نوعه دلوقتي خالص...بس قريب هنكون عرفنا...متقلقيش.
لارا: آه طبعاً أكيد أكيد أمال إيه..أنا أصلاً مش مستعجلة إني أعرف دلوقتي خالص كله بوقته حلو....."لحظات إندهاش" نوع مين يا دكتور أساساً؟!!!!

الدكتورة: الكائن اللي مش بيخلينا نعرف ننام لا صبح ولا ليل..
لارا: الكائن اللي مش بيخلينا نعرف ننام مممممممم حنفية المطبخ لما تبقى عايزة يتركب لها جلدة.

الدكتورة: حنفية المطبخ وجلدة!!! لأ خالص أنا قصدي حاجة تانية.
لارا: ممممممممم تبقى الماسورة لما تضرب وعايزة تتصلح..دي بتفضل طول الليل تنقط ومبنعرفش ننام منها..

الدكتورة: ماسورة!! إيه جو أفلام نادية الجندي ده اللي إنتِ عايشة فيه...لأ برضه أنا قصدي حاجة تانية ركزي شوية.
لارا: بسسسسسسسس عرفتها الناموس..الله يخربيته مفيش حاجة مأثرة فيه لا ريد ولا غيره...والله يا دكتورة ده بيفضل ياكل في جتتي طول النهار والليل وكأني غنيمة بالنسبة له.

الدكتورة: توب علينا يا رب من دي شغلانة...ودول عيانين هبل..يا رب أنا أصلاً كنت عايزة أدخل تجارة..أنا إيه اللي رماني الرمية دي بس...
لارا: مالك يا دكتورة بتندبي حظك ليه بس...فضفضيلي يا حبيبتي ومتقلقيش من حاجة أنا هعرف افهمك كويس...ده كل الناس بتقول عليا اني ذكية وبفهمها وهي طايرة...قوليلي انتي بس مالك ياختي..

الدكتورة: "فقدت النطق"
لارا: يا دكتورة يا دكتورة مالك بس..في إيه..

الدكتورة: لاراااااااااااااااا انتي حاااااااااااااااااامل ومن شهر كمان..
لارا: طب مأنا كنت فاهمة بس بستعبط عليكي من بدري.."لحظات تنحت فيها للدكتورة ردت وقالتلها": إيه !!! بتقولي إيه مين دي اللي حامل.

الدكتورة: لأ برا بقى إحنا مش ناقصين غباوة..."تحاول الدكتورة دفعها خارجاً"
لارا: الله يبارك لك استني بس..الله يسترك ويخلي لك ولادك يا رب..

الدكتورة: أنا مش متجوزة أصلاً..
لارا: مش موضوعنا وعموماً هنبقى نشوف لك عريس..بس بجد اللي انتي قولتيه ده حقيقي؟!!

الدكتورة: وهو أنا قولت ايه؟!!
لارا: لا والنبي مش وقت غباء مش هيبقى انتي وأنا..أنا بجد حامل؟

الدكتورة: أيوة يا ستي..

لارا: هييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييه وعمالة تتنطط وتلعب في سماعة الدكتورة بشكل مُضحك...ومسكت الروشتات وعمالة تقطع فيها وترميهم في الهواااا....راحت راقصة أي رقص عشوائي مُضحك....مسكت الدكتورة وفضلت تلف بيها....إلى أن سابتها فجأة فالدكتورة اترمت على سن المكتب واتخبطت فيه...ولارا مخدتش بالها خالص منها...فتحت باب العيادة وهي مش باصة للدكتورة وقالتلها سلام يا دكتورة ربنا يطول لنا في عمرك يا رب..بتكلمها وهي مش واخدة بالها أن خبطتها موتتها أساساً...