May 3, 2018

حرامي الموبايل

 




كانت شيرين واقفة في إشارة بتكلم والدتها في الموبايل, لما قرب منها فاروق من غير ما تحس وسرق منها الموبايل..
                                                            ***
كانت شيرين رايحة شغلها بعد أجازة طويلة دامت لأكثر من شهر بسبب الحالة النفسية السيئة اللي أتعرضت ليها بعد فقدانها لصديقتها واللي كانت بتحبها جداً, أكتر من نفسها, وبسبب عِند ومكابرة منهم هما الأتنين قرروا إنهاء صداقتهم واللي دامت لأكثر من خمس سنوات..
والدتها بإستمرار بتحب تكلمها على الموبايل كل شوية عشان تطمن عليها, من شدة قلقها الغير مبرر على بنتها, بس المرة دي كانت والدتها محتاجة فعلاً تطمن عليها خصوصاً أن هي اللي أصرت أن بنتها تنزل للشغل وترجع تمارس حياتها بشكل طبيعي, مش صداقة يعني هي اللي هتخلينا نعطل حياتنا!
                                                            ***

فاروق يُعد الأبن الأكبر لأسرة مكونة من أب مريض وأم ربة منزل, وأخوة وأخوات في مراحل دراسية مختلفة, لما والد فاروق تعب وأصبح غير قادر على العمل, قرر فاروق أن يتخلى عن طموحه الدراسي ويشتغل هو بدل أبوه, عشان يوفر إحتياجات المعيشة لوالده ووالدته وأخواته.
فاروق راجل شهم وجدع وبيتحمل المسئولية, وبيحاول يشتغل ليل ونهار على قدر إستطاعته عشان يلبي كل طلبات الأسرة, ولا عمره أشتكى ولا عمره حزن على قراره بالتخلي عن دراسته, بل بالعكس كان شايف أنه بيعمل عمل نبيل ربنا هيجازيه عليه خير, وكفاية أن أبوه وأمه يدعوله بالتوفيق في حياته, وكان عنده رضا والده ووالدته بالدنيا كلها..

ولكن للأسف في يوم راح يقابل صديقه لقاه مهموم وحزين, سأله: مالك؟!
فرد عليه وقاله: أمي تعبانة يا فاروق ولازم تروح حالاً للدكتور وأنا معيش حتى تمن الكشف.
فرد عليه فاروق وقاله: ولا يهمك أنا معايا قوم بينا نوديها على الدكتور..
وفعلاً راح فاروق مع صديقه للدكتور واللي طلب منهم أشعة وتحاليل لا تُعد ولا تُحصي, وكان تمنهم تقريباً بما يعادل ألفين جنيه, ولأن صديق فاروق مكنش معاه حتى تمن كشف الدكتور, فضل يلف على كل معارفه عشان يلاقي حد يسلفه ولكن دون جدوى, كل الأبواب أغلقت في وشه.
فاروق مسابوش لحظة وفضل هو كمان يلف على كل معارفه وأصحابه عشان يسلفوه, ولكن ملقاش حد معاه ولو حتى 200 جنيه!

والدة صديق فاروق لازم تعمل التحاليل عشان يعرفوا هي عندها إيه, وأي تأخير مش في صالحها.
مكنش قدام صديق فاروق أي حاجة غير أنه يبكي من شدة وجعه على والدته وعجزه التام وقلة حيلته أنه مش عارف يعمل عشانها أي حاجة.
فاروق شاف قدامه صديقه بينهار وهو كمان مش عارف يعمل عشانه إيه, حاسس أنه مشلول ومتكتف, ومش قادر يعمل حاجة لصديق عمره واللي مكنش بيسيبه لحظة في أي حاجة, وكان صديقه دا معاه في أحزانه قبل أفراحه, ولو طال فاروق أنه يعمل أي حاجة عشان يشوف أبتسامة صديقه  تاني مش هيتأخر..
رجع صديق فاروق مع والدته من المستشفى, وسابهم فاروق عشان يدور تاني على أي حد ممكن يسلفه لدرجة أنه كلم البقال اللي عندهم على أي فلوس سلف واللي رد عليه وقاله: منين يا أبني دا اللي جاي مش مكفي حتى لقمة العيش..

مشي فاروق سرحان مهموم ومش عارف هو رايح فين ولا جاي منين, فضل يمشي وهو مش حاسس حتى برجله مودياه على فين.
لقى نفسه فجأة في المهندسين, لقربها من محل سكنه بولاق..
وفي عز ما هو مهموم خطرت بباله فكرة شيطانية بأنه يسرق أي موبايل ويبيعه في لحظتها ويجيب الفلوس لصديقه عشان خاطر والدته..
أنت يا فاروق تسرق؟!
أنت اللي طول عمرك بتتقي ربنا في تصرفاتك تسرق؟!
أنت اللي تخليت عن حياتك عشان خاطر توصل أسرتك لبر الأمان تسرق؟!
آه هسرق عشان خاطر صاحبي اللي عمره ما اتأخر عني, وفي أول إشارة لقاها قدامه وفي أول فرصة سنحت قصاده, مد إيده وبسرعة البرق سرق موبايل من بنت كانت واقفة في الإشارة وبتتكلم في التليفون..
                                                           ***

شيرين فضلت تصوت وتقول حرامي حرامي لما الموبايل بتاعها أتسرق, ولكن كل الناس كانت واقفة تتفرج عليها ومحدش جري حتى ورا الحرامي, وأكتفوا بس بأنهم يقولوا لها: ربنا يعوض عليكي يا بنتي..
رجعت شيرين البيت وقررت متروحش الشغل بسبب ضيقها على سرقة موبايلها, هي مش مضايقة من الموبايل قد ما هي مضايقة على كل حاجة هتضيع من بيانات ومحادثات بينها وما بين صاحبتها واللي كان نفسها تحتفظ بيها, بس للأسف الموبايل أتسرق وكل ذكرياتها مع صديقتها أتسرقت معاه..
والدتها بقت هتتجنن لأن فجأة موبايل بنتها فصل وهي بتكلمها ومكنتش عارفة تعمل إيه, وكانت خلاص هتموت من شدة قلقها عليها, ولكنها أتطمنت بعد ما شيرين رجعت على البيت واللي هو في المهندسين يعني متأخرتش كتير على والدتها واللي كانت خلاص بتنهار عليها..
                                                       ***

جري فاروق بسرعة بعد ما خطف الموبايل, وصرخة البنت وهي عمالة تقول عليه حرامي حرامي, مكنتش مأثرة فيه إطلاقاً, لأن كان عنده هدف واحد بس, وهو اللي شاغل كل تفكيره وهو إنقاذ والدة صديقه..
فضل يجري لحد ما تعب, قعد يدور على أماكن عشان يبيع الموبايل المسروق, ولكن كان خايف حد يشك فيه  ويبلغ عنه..
قعد على الرصيف من كتر التعب, يلتقط أنفاسه لحد ما يشوف هيعمل إيه في الموبايل..
الموبايل بيرن!
أتخض من الموبايل وفضل يبص حواليه على الناس اللي ماشية في الشارع, وكأن الناس عارفة أنه سارقه, أستنى لما المتصل قفل وحاول يقفله ولكنه معرفش, كان مهنج معاه, فالمتصل رجع يتصل تاني, وبرضه أتخض تاني..

قرر يحطه في جيبه واللي يتصل يتصل, مش دا اللي هيشغل تفكيره, عشان كل تفكيره كان مشغول في أنه هيعمل إيه في الموبايل, عشان يودي الفلوس لصاحبه.
وهو بيحط الموبايل في جيبه, غصب عنه داس على زرار الرسايل, أتفتحت الرسايل قدامه, لفت إنتباهه رسالة مبعوتة من "صديقة العمر".

حس أن عنده فضول يعرف محتوى الرسايل دي, مش تطفل منه ولكن لأنه بيقدر قيمة الصداقة جداً, فكان عايز يعرف إيه الرسايل دي, ولقى الآتي:

"أنا عارفة أنك مش نايمة ولكن مش عايزة تردي عليا قصد"
"طب ردي عليا وأنا مش هتكلم في أي حاجة تضايقك, أنا بس عايزة أسمع صوتك وأطمن عليكي"
"حرام عليكي تعملي فيا كدة, أنا بجد بحبك وأسفة لو ضايقتك"
ورسايل كتيرة جداً ما بين عتاب وحب بين صاحبة الموبايل و"صديقة العمر", من خلال الرسايل قدر يستشف أن دول أصدقاء جداً ولكن حصلت مشكلة ما بينهم فخليتهم يفترقوا, واللي أكد له المعلومات دي, لما فتح الواتس أب وشاف كل رسايل صاحبة الموبايل وصديقة العمر.

فهم من خلال المحادثات ما بينهم أن "صديقة العمر"واللي عرف أن أسمها هدى وجعت شيرين "صاحبة الموبايل", وعشان كدة شيرين مش قادرة تسامحها نهائي,  وكان القرار النهائي ما بينهم أنهم يبعدوا عن بعض.
نسي فاروق نفسه وتعاطف مع الصديقتين, وحس أنه عايز يعمل أي حاجة عشان يرجع علاقتهم الجميلة ببعض تاني, ويكون بمثابة إعتذار منه لصاحبة الموبايل على سرقته لها, خصوصاً أنه فاق وقرر يرجع لها الموبايل بأي طريقة حتى لو هتبلغ عنه, بس قرر أنه ميعملش أي حاجة تغضب ربنا مهما كانت العواقب وخيمة.
بس هيعمل إيه؟
يكلم مين؟
ويتصرف أزاي؟
قرر يتصل بـــ"هدى" من رقم صديقتها "شيرين", هو عارف كويس قوي أن بقالهم شهر مكلموش بعض ودا باين من الرسايل والمحادثات اللي ما بينهم..
أتصل فعلاً بــ"هدى" ولكنها مردتش عليه, يمكن تكون مشغولة, أو يمكن تكون يئست من رجوع صديقتها لها, وعشان كدة أختارت متردش عليه.
جرب يتصل تاني وبرضه مردتش عليه..

فكر يبعت لها رسالة على أنه "شيرين", فبعت لها رسالة نصها "وحشتيني, مقدرش أستغنى عنك, بحبك"
مافيش ثواني وكانت هدى بتتصل, وأول ما رد عليها من قبل حتى ما يقول ألو, بادرت هدى وقالت له: وأنا كمان بحبك جداً, أنتي مش متخيلة أنتي وحشاني أزاي, وأنا بجد تعبانة من غيرك, وحشتيني قوي يا شيرين قوي"
فاروق سابها تتكلم براحتها من غير ما يقاطعها, وبعد ما خلصت قالها: أنا أسف بس أنا لاقيت الموبايل دا واقع من حد في الشارع ولما فتحته ملقيتش عليه رقم سري, فدورت جواه عشان ألاقي أي حاجة توصلني بصاحب الموبايل ملقيتش غير رسايلكم سوا.

هدى سمعت رسايلكم سوا من هنا, وراحت في مكان تاني خالص, وقالت في سرها: معقولة شيرين لسة ممسحتش كلامنا مع بعض؟!
وفي ثواني أعادت تركيزها وقالتله: مكانك فين وأنا هاجي أخده منك..
فوصف لها مكانه وقابلته فعلاً, وكان مكان قريب جداً من بيت شيرين..
مد فاروق إيده بالموبايل لهدى عشان تاخده هي وتديه لشيرين, ولكن هدى أصرت أن هو اللي يديهولها بنفسه, خصوصاً أنه هيكون سبب في مقابلة الصديقتان لبعض مرة تانية, ومين عالم مش يمكن يكون سبب في عودتهم لبعض!

حاول فاروق يهرب منها ولكنه معرفش, خدته وطلعت به لشقة شيرين.
أول ما شيرين فتحت الباب بتبص, ولقت هدى قدامها واللي مكنتش تتخيل يوم أنهم يشوفوا بعض تاني.
شيرين مشافتش حد قدامها غير هدى, مع العلم أنها لو شافت فاروق هتعرف أنه الحرامي..
أول ما شافت شيرين هدى, حضنتها جامد, حضنتها بقوة, حضنتها بشوق, وهما الأتنين فضلوا يعيطوا في حضن بعض, ويبوسوا إيدين بعض, وكل واحدة تقول للتانية سامحيني, أنا اسفة..
وبعد ما مسحوا دموعهم بتبص شيرين مين واقف جنب هدى, فشافت الحرامي, وفضلت تزعق وتقول يا ماماااااااااا ماماااااا بلغي البوليس الحرامي اللي سرق موبايلي أهووووو, ومسكت في رقبته.
هدى كانت واقفة ومش فاهمة حاجة, وقالتلها: حرامي إيه؟!, دا هو اللي جاي يجيبلك موبايلك.
فردت عليها شيرين: لأ, دا الحرامي اللي سرق موبايلي..
بصت هدى لفاروق, واللي شافت عيونه مدمعة, فحست أنه شخص كويس, وأكيد أتعرض لحاجة صعبة خليته يمد إيده ويسرق..

وقالت لشيرين: تعرفي يا شوشو أن هو السبب اللي خلانا نتقابل تاني, وبدأت تحكي لها اللي حصل بالتفصيل..
فبصت شيرين عليه وكانت هديت شوية إلى حد ما, وقالتله أنا هسيبك تمشي لأني حاسة أنك شخص كويس وكفاية المعروف اللي عملته معايا وخليت صاحبتي ترجعلي, صحيح أنت سرقت موبايلي بس معروفك كان أكبر من سرقتك بالنسبة لي..
وقالتله أتفضل مع السلامة..
وقبل ما يتحرك فاروق وينزل من قدام الشقة, وقفته شيرين وقالتله: أستنى, لما أنت رجعت الموبايل  ورجعت صداقة كانت أستحالة ترجع تاني, فليه سرقت؟!
رد عليها فاروق بنوع من الهزار وقالها: لحظة طيش, كنت بجرب أنفع أبقى حرامي..
فهي حست أنه بيداري دموعه وهو بيتكلم, وقالتله: مش هسيبك غير لما تقولي على السبب وإلا هبلغ عنك البوليس..

فحكى لها قصة صاحبه..
سمعت شيرين وهدى القصة تعاطفوا معاه, وهما الأتنين عيونهم دمعت, دخلت شيرين أوضتها وجابتله الفلوس اللي هو محتاجها عشان يعالج والدة صديقه..